للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(السَّلامُ) أي: من جميع العيوب والنقائص؛ بكماله (١) في ذاته وصفاته وأفعاله.

وقوله: (الْمُؤْمِنُ) قال الضحاك، عن ابن عباس: [أي] (٢) أمن خلقه من أن يظلمهم. وقال قتادة: أمَّن بقوله: إنه حق. وقال ابن زيد: صَدّق عبادَه المؤمنين في أيمانهم به.

وقوله: (الْمُهَيْمِنُ) قال ابن عباس وغير واحد: أي (٣) الشاهد على خلقه بأعمالهم، بمعنى: هو رقيب عليهم، كقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [البروج: ٩]، وقوله ﴿ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس: ٤٦].

وقوله: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ الآية [الرعد: ٣٣].

وقوله: (الْعَزِيزُ) أي: الذي قد عزّ كل شيء فقهره، وغلب الأشياء فلا ينال جنابه؛ لعزته وعظمته وجبروته وكبريائه؛ ولهذا قال: (الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) أي: الذي لا تليق الجَبْريّة إلا له، ولا التكبر إلا لعظمته، كما تقدم في الصحيح: "العَظَمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عَذَّبته".

وقال قتادة: الجبار: الذي جَبَر خلقه على ما يشاء.

وقال ابن جرير: الجبار: المصلحُ أمورَ خلقه، المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم.

وقال قتادة: المتكبر: يعني عن كل سوء.

ثم قال: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤).

وقوله: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ) الخلق: التقدير، والبَراء: هو الفري، وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود، وليس كل من قدر شيئًا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله، ﷿. قال الشاعر يمدح آخر (٥)

ولأنت تَفري ما خَلَقت … وبعضُ القوم يَخلُق ثم لا يَفْري

أي: أنت تنفذ ما خلقت، أي: قدرت، بخلاف غيرك فإنه لا يستطيع ما يريد. فالخلق: التقدير. والفري: التنفيذ. ومنه يقال: قدر الجلاد ثم فَرَى، أي: قطع على ما قدره بحسب ما يريده.

وقوله تعالى: (الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ) أي: الذي إذا أراد شيئًا قال له: كن، فيكون على الصفة التي يريد، والصورة التي يختار. كقوله: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار: ٨] ولهذا قال: (الْمُصَوِّرُ) أي: الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها.


(١) في م: "لكماله".
(٢) زيادة من م.
(٣) في م: "إنه".
(٤) في م: "يصفون" وهو خطأ.
(٥) هو زهير بن أبي سلمي يمدح به هرم بن سنان، والبيت في ديوانه (ص ٩٤) أ. هـ مستفادًا من حاشية ط الشعب.