للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن يزيد: نزلت في قوم من المنافقين، كانوا يَعدون المسلمين النصرَ، ولا يَفُون لهم بذلك.

وقال مالك، عن زيد بن أسلم: (لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)؟، قال: في الجهاد.

وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: (لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) إلى قوله: (كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) فما بين ذلك: في نفر من الأنصار، فيهم عبد الله بن رواحة، قالوا في مجلس: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى الله، لعملنا بها حتى نموت. فأنزل الله هذا فيهم. فقال عبد الله بن رواحة: لا أبرح (١) حبيسا في سبيل الله حتى أموت. فقتل شهيدًا.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فروة بن أبي المغراء، حدثنا علي بن مُسْهِر (٢) عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي (٣) عن أبيه قال: بعث أبو موسى إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه منهم ثلاثمائة رجل، كلهم قد قرأ القرآن، فقال. أنتم قراء أهل البصرة وخيارهم. وقال: كنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات، فأنسيناها، غير أني قد حفظت منها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) فتكتب شهادة في أعناقكم، فتسألون عنها يوم القيامة.

ولهذا قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) فهذا إخبار منه تعالى بمحبة عباده المؤمنين إذا اصطفوا مواجهين لأعداء الله في حومة الوغى، يقاتلون في سبيل الله مَن كفر بالله، لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر العالي على سائر الأديان.

وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا هُشَيْم، قال مُجالد أخبرنا عن أبي الودَّاك، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله : "ثلاث يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال".

ورواه ابن ماجه من حديث مجالد، عن أبي الوَدَّاك جبر بن نوف، به (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نُعَيم الفضل بن دُكَيْن، حدثنا الأسود -يعني ابن شيبان-حدثني يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير قال: قال مُطرَف: كان يبلغني عن أبي ذر حديث كنت أشتهي لقاءه، فلقيته فقلت: يا أبا ذر، كان يبلغني عنك حديث، فكنت أشتهي لقاءك، فقال: لله أبوك ! فقد لقيت، فهات. فقلت: كان يبلغني عنك أنك تزعم أن رسول الله حدثكم أن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة؟ قال: أجل، فلا إخالني أكذب على خليلي . قلت: فمن هؤلاء الثلاثة الذين يحبهم الله؟ قال: رجل غزا في سبيل الله، خرج محتسبا مجاهدا فلقي العدو فقتل، وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل، ثم قرأ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) وذكر الحديث.


(١) في أ: "فما أبرح".
(٢) في أ: "شهر".
(٣) في أ: "الديلمي".
(٤) المسند (٣/ ٨٠) وسنن ابن ماجة برقم (٢٠٠) وقال البوصيري في الزوائد (١/ ٨٧): "هذا إسناد فيه مقال، مجالد بن سعيد وإن أخرج له مسلم في صحيحه فإنما روى له مقرونًا بغيره قال ابن عدى: عامة ما يرويه غير محفوظ".