للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ﴾ [الأعراف: ١٥٧] وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٨١]

قال ابن عباس: ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه العهد: لئن بعث محمد وهو حي ليتبعنه، وأخذ عليه أن يأخذ على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليتبعنه وينصرنه.

وقال محمد بن إسحاق: حدثني ثور بن يَزيد، عن خالد بن مَعْدَانَ، عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك. قال: "دعوة أبي إبراهيم، وبُشْرَى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي (١) كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام" (٢).

وهذا إسناد جيد. ورُوي له شواهد من وجوه أخر، فقال الإمام أحمد:

حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا معاوية بن صالح، عن سعيد بن سُوَيد الكلبي، عن عبد الأعلى بن هلال (٣) السلمي، عن العِرْباض بن سارية قال: قال رسول الله : "إني عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجَدلٌ في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك دَعْوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يَرَين" (٤).

وقال أحمد أيضا: حدثنا أبو النضر، حدثنا الفرج بن فضالة، حدثنا لقمان بن عامر قال: سمعت أبا أمامة قال: قلت يا نبي الله، ما كان بدء أمرك؟ قال: "دعوة أبي إبراهيم، وبُشْرَى عيسى، ورأت أمي أنه يخرجُ منها نور أضاءت له قصورُ الشام" (٥)

وقال أحمد أيضا: حدثنا حسن بن موسى: سمعت خُدَيجًا أخا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود قال: بعثنا رسول الله إلى النجاشي ونحن نحوٌ من ثمانين رجلا منهم: عبد الله بن مسعود، وجعفر، وعبد الله بن [عُرْفُطَة] (٦) وعثمان بن مظعون، وأبو موسى. فأتوا النجاشي، وبعثَت قريش عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد بهدية، فلما دخلا على النجاشي سَجَدا له، ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله، ثم قالا له: إن نفرًا من بني عمنا نزلوا أرضك، ورغبوا عنا وعن ملتنا. قال: فأين هم؟ قالا هم في أرضك، فابعث إليهم. فبعث إليهم. فقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم. فاتبعوه فسلَّم ولم يسجد،


(١) في م: "حملتني".
(٢) رواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٦٠٠) من طريق يوني بن بكير عن ابن إسحاق به، وقال: "خالد بن معدان من خيار التابعين، صحب معاذ بن جبل فمن بعده من الصحابة، فإذا أسند حديث إلى الصحابة فإنه صحيح الإسناد وإن لم يخرجاه". قلت: وقد ورد موصولاً كما سيأتي في رواية أحمد.
(٣) في أ: "بلال".
(٤) المسند (٤/ ١٢٧) وسعيد بن سويد لم يوثقه غير ابن حبان.
(٥) المسند (٥/ ٢٦٢).
(٦) زيادة من المسند، ومكانه بياض في هـ، م، أ.