للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-أَوْ: تَحْشُرُ النَّاسَ-: تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا" تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (١) .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ الصَّيَّادِ: "إِنِّي خَبَأْتُ لَكَ خَبْأ" قَالَ: هُوَ الدُّخ. فَقَالَ لَهُ: "اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" قَالَ: وخبأ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (٢) .

وَهَذَا فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ مِنَ الْمُنْتَظَرِ الْمُرْتَقَبِ، وَابْنُ صَيَّادٍ كَاشِفٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْكُهَّانِ بِلِسَانِ الْجَانِّ، وَهُمْ يُقَرطمون الْعِبَارَةَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: "هُوَ الدُّخ" يَعْنِي: الدُّخَانَ. فَعِنْدَهَا عَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّتَهُ وَأَنَّهَا شَيْطَانِيَّةٌ، فَقَالَ لَهُ: "اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ".

ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَدَّثَنِي عِصَامُ بْنُ رَوَّاد بْنِ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعِي بْنِ حِرَاش قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ (٣) : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ الدَّجَّالُ، وَنُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ أَبْيَنُ، تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ، تَقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا، وَالدُّخَانُ-قَالَ حُذَيْفَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الدُّخَانُ؟ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} -يَمْلَأُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، يَمْكُثُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُصِيبُهُ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكْمَةِ (٤) ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ السَّكْرَانِ، يَخْرُجُ مِنْ مَنْخِرَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ" (٥) .

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: لَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَكَانَ فَاصِلًا وَإِنَّمَا لَمْ أَشْهَدْ لَهُ بِالصِّحَّةِ؛ لَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيَّ حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَأَلَ رَوَّادًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ: هَلْ سَمِعَهُ مِنْ سُفْيَانَ؟ فَقَالَ لَهُ: لَا قَالَ: فَقُلْتُ: أَقَرَأْتَهُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَقُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنْتَ حَاضِرٌ فَأَقَرَّ بِهِ؟ فَقَالَ: لَا فَقُلْتُ لَهُ: فَمِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهِ؟ فَقَالَ: جَاءَنِي بِهِ قَوْمٌ فَعَرَضُوهُ عَلَيَّ، وَقَالُوا لِي: اسْمَعْهُ مِنَّا. فَقَرَءُوهُ عليَّ ثُمَّ ذَهَبُوا بِهِ، فَحَدَّثُوا بِهِ عَنِّي، أَوْ كَمَا قَالَ (٦) .

وَقَدْ أَجَادَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَاهُنَا، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ بِهَذَا السَّنَدِ، وَقَدْ أَكْثَرَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ سِيَاقِهِ فِي أَمَاكِنَ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ، وَفِيهِ مُنْكَرَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَلَا سِيَّمَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ "بَنِي إِسْرَائِيلَ" فِي ذِكْرِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا خَلِيلٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَهِيجُ الدُّخَانُ بِالنَّاسِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَأْخُذُهُ كَالزُّكْمَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَنْفُخُهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ كُلِّ مسمع منه".


(١) صحيح مسلم برقم (٢٩٠١) .
(٢) صحيح البخاري برقم (٣٠٥٥) وصحيح مسلم برقم (٢٩٣٠) من حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(٣) في ت: "وروى ابن أبي حاتم عن حذيفة قال".
(٤) في ت، م: "الزكام".
(٥) تفسير الطبري (٢٥/٦٨) ومن طريقه رواه الثعلبي في تفسيره كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (١١٧٤) والبغوي في معالم التنزيل (٧/٢٣٠) .
(٦) تفسير الطبري (٢٥/٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>