للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن مسعود، ومسروق: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) يعلم أن الله إن شاء منع، وإن شاء أعطى (مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) أي (١) من حيث لا يدري.

وقال قتادة: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) أي: من شبهات الأمور والكرب (٢) عند الموت، (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) ومن حيث لا يرجو أو لا يأمل.

وقال السدي: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ) يطلق للسنة، ويراجع للسنة، وزعم أن رجلا من أصحاب رسول الله يقال له: "عوف بن مالك الأشجعي" كان له ابن، وأن المشركين أسروه، فكان فيهم، وكان أبوه يأتي رسول الله فيشكو إليه مكان ابنه وحاله التي هو بها وحاجته، فكان رسول الله يأمره بالصبر، ويقول له: "إن الله سيجعل لك فرجًا" (٣) فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرًا أن انفلت ابنه من أيدي العدو فمر بغنم من أغنام العدو، فاستاقها فجاء بها إلى أبيه، وجاء معه بغنى (٤) قد أصابه من الغنم، فنزلت فيه هذه الآية: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)

رواه ابن جرير، (٥) وروي أيضًا من طريق سالم بن أبي الجعد مرسلا نحوه (٦)

وقال الإمام أحمد، حدثنا وكَيع، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: قال رسول الله : "إن العبد لَيُحْرَمُ الرزق بالذنب يُصيبُه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر".

ورواه النسائي وابن ماجة، من حديث سفيان -وهو الثوري-به (٧)

وقال محمد بن إسحاق: جاء مالك الأشجعي إلى رسول الله فقال: له أسر ابني عوف. فقال له رسول الله : "أرسل إليه أن رسول الله يأمرك أن تكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله". وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القِد عنه، فخرج، فإذا هو بناقة لهم فركبها، وأقبل فإذا بسَرْح القوم الذين كانوا قد شدوه فصاح بهم، فاتبع أولها آخرها، فلم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب، فقال أبوه: عوف ورب الكعبة. فقالت أمه: واسوأتاه. وعوف كيف يقدم لما هو فيه من القد -فاستبقا الباب والخادم، فإذا عوف قد ملأ الفناء إبلا فقص على أبيه أمره وأمر الإبل، فقال أبوه: قفا حتى آتي رسول الله فأسأله عنها. فأتى رسول الله فأخبره بخبر عوف وخبر الإبل، فقال له رسول الله : "اصنع بها ما أحببت، وما كنت صانعًا بمالك". ونزل: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)


(١) في م: "أو".
(٢) في أ: "والكروب".
(٣) في م، أ: "مخرجًا".
(٤) في م: "يغنم".
(٥) تفسير الطبري (٢٨/ ٨٩).
(٦) تفسير الطبري (٢٨/ ٩٠) وقد جاء موصلاً، أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٩٢) من طريق عبيد بن كثير العامري، عن عباد بن يعقوب، عن يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن عمار بن أبي معاوية، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، ، قال: نزلت هذه الآية … فذكر نحو رواية السدي، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "بل منكر، فيه عباد بن يعقوب رافضي جبل، وعبيد بن كثير العامري متروك، قاله الأزدي".
(٧) المسند (٥/ ٢٧٧) وسنن ابن ماجة برقم (٤٠٢٢).