للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] (١).

ورواه مسلم من حديث هشام الدَّسْتُوَائي به (٢).

وقال النسائي: أنا عبد الله بن عبد الصمد بن علي، حدثنا مَخْلد -هو ابن يزيد-حدثنا سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي عَلَيَّ حَرَاما؟ قال: كذبتَ ليست عليك بحرام. ثم تلا هذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)؟ عليك أغلظ الكفارات، عتق رقبة.

تفرد به النسائي من هذا الوجه، بهذا اللفظ (٣).

وقال الطبراني: حدثنا محمد بن زكَريا، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا إسرائيل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)؟ قال: حرم رسول الله سُرَيَّته (٤).

ومن هاهنا ذهب من ذهب من الفقهاء ممن قال بوجوب الكفارة على من حرم جاريته أو زوجته أو طعامًا أو شرابًا أو ملبسًا أو شيئًا من المباحات، وهو مذهب الإمام أحمد وطائفة. وذهب الشافعي إلى أنه لا تجب الكفارة فيما عدا الزوجة والجارية، إذا حَرَّم عينيهما أو أطلق التحريم فيهما في قوله، فأما إن نوى بالتحريم طلاق الزوجة أو عتق الأمة، نفذ فيهما.

وقال ابن أبي حاتم: حدثني أبو عبد الله الظهراني (٥) أخبرنا حفص بن عمر العَدَني، أخبرنا الحكم بن أبان، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)؟ في المرأة التي وهبت نفسها للنبي .

وهذا قول غريب، والصحيح أن ذلك كان في تحريمه العَسَل، كما قال البخاري عند هذه الآية:

حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن ابن جُرَيْج، عن عطاء، عن عبيد (٦) بن عمير، عن عائشة قالت: كان النبي يشرب عسلا عند زينب بنت جَحش، ويمكث عندها، فتواطأتُ أنا وحفصةُ على: أيتُنا دخلَ عليها، فلتقل له: أكلتَ مَغَافير؟ إني أجد منك ريح مغافير. قال: "لا ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جَحش، فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا"، (تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) (٧).

هكذا أورد هذا الحديث هاهنا بهذا اللفظ، وقال في كتاب "الأيمان والنذور": حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا الحجاج، عن ابن جريج قال: زعم عطاء أنه سمع عُبَيد بن عمير يقول: سمعتُ عائشة تزعم أن رسول الله كان يمكث عند زينب بنت جَحش ويشرب


(١) صحيح البخاري برقم (٤٩١١).
(٢) صحيح مسلم برقم (١٤٧٣).
(٣) سنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٠٩).
(٤) المعجم الكبير (١١/ ٨٦).
(٥) في م: "الطبراني".
(٦) في أ: "عن عبد".
(٧) صحيح البخاري برقم (٤٩١٢).