للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عندها عَسَلا فتواصيتُ أنا وحفصة أن أيتُنا دخل عليها النبي فَلْتَقُلْ: إني أجد منك ريح مغافير؛ أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما النبي فقالت ذلك له، فقال: "لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جَحش، ولن أعود له". فنزلت: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)؟ إلى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) لعائشة وحفصة، (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا) لقوله: "بل شربت عسلا". وقال إبراهيم بن موسى، عن هشام: "ولن أعود له، وقد حلفت، فلا تخبري بذلك أحدًا" (١).

وهكذا رواه في كتاب "الطلاق" بهذا الإسناد، ولفظه قريب منه (٢). ثم قال: المغافير: شبيه بالصمغ، يكون في الرّمث فيه حلاوة، أغفر الرّمث: إذا ظهر فيه. واحدها مغفور، ويقال: مغافير. وهكذا قال الجوهري، قال: وقد يكون المغفور أيضًا للعُشر والثُّمام والسَّلَم والطلح. قال: والّرمث، بالكسر: مرعى من مراعي الإبل، وهو من الحَمْض. قال: والعرفط: شجر من العضاه ينضَح المغفُور [منه] (٣).

وقد روى مسلم هذا الحديث في كتاب "الطلاق" من صحيحه، عن محمد بن حاتم، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، أخبرني عطاء، عن عُبيد بن عمير، عن عائشة، (٤) به، ولفظه كما أورده البخاري في "الأيمان والنذور".

ثم قال البخاري في كتاب "الطلاق": حدثنا فروة بن أبي المغراء، حدثنا علي بن مُسْهَر، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله يحب الحَلوى والعَسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فيدنو من إحداهن. فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فَغِرْتُ فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّة عَسَل، فسقت النبي منه شربة، فقلت: أما والله لنحتالَن له. فقلت لسودة بنت زَمْعَةَ: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلت مغَافير؟ فإنه سيقول ذلك (٥) لا. فقولي له: ما هذه الريح التي أجد؟ فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل. فقولي: جَرَسَتْ نحلُه العُرفُطَ. وسأقول ذلك، وقولي أنت له يا صفية ذلك، قالت -تقول سودة-: والله (٦) ما هو إلا أن قام على الباب، فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقًا منك، فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ قال: "لا ". قالت: فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال: "سقتني حفصة شَربة عسل". قالت: جَرَسَت نَحلُه العرفطَ. فلما دار إليَّ قلت نحو ذلك، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حفصة قالت له: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: "لا حاجةَ لي فيه". قالت -تقول سودة-: والله لقد حَرَمْنَاه. قلت لها: اسكتي (٧).


(١) صحيح البخاري برقم (٦٦٩١).
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٢٦٧).
(٣) زيادة من الصحاح، مادة "عرفط" ٣/ ١١٤٢.
(٤) صحيح مسلم برقم (١٤٧٤).
(٥) في م: "سيقول لك".
(٦) في م: "فوالله".
(٧) صحيح البخاري برقم (٥٢٦٨).