للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى آخر السورة. قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موقع (١).

فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب، كما أوردنا كيفية إسلامه في سيرته المفردة، ولله الحمد (٢).

﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (٤٤) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢)

يقول تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا) أي: محمد لو كان كما يزعمون مفتريا علينا، فزاد في الرسالة أو نقص منها، أو قال شيئا من عنده فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة. ولهذا قال (لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) قيل: معناه لانتقمنا منه باليمين؛ لأنها أشد في البطش، وقيل: لأخذنا بيمينه.

(ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) قال ابن عباس: وهو نياط القلب، وهو العِرْقُ الذي القلب معلق فيه. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبير، والحكم، وقتادة، والضحاك، ومسلم البَطِين، وأبو صخر حُميد بن زياد.

وقال محمد بن كعب: هو القلب ومَرَاقَّه وما يليه.

وقوله: (فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) أي: فما يقدر أحد منكم على أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئا من ذلك. والمعنى في هذا (٣) بل هو صادق بار راشد؛ لأن الله، ﷿، مقرر له ما يبلغه عنه، ومؤيد له بالمعجزات الباهرات (٤) والدلالات القاطعات.

ثم قال: (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) يعني: القرآن كما قال: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ [فصلت: ٤٤].

ثم قال (٥) (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) أي: مع هذا البيان والوضوح، سيوجد منكم من يكذب بالقرآن.

ثم قال: (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ) قال ابن جرير: وإن التكذيب لحسرة على الكافرين يوم القيامة وحكاه عن قتادة بمثله.


(١) المسند (١/ ١٧).
(٢) في أ: "ولله الحمد والمنة".
(٣) في م: "في ذلك".
(٤) في م: "القاهرات".
(٥) في م: "كما قال"