للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحديث الآخر المشتمل على الدعاء: "إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن" (١).

وقوله: (الثَّاقِبُ) قال ابن عباس: المضيء. وقال السدي: يثقب الشياطين إذا أرسل عليها. وقال عكرمة: هو مضيء ومحرق للشيطان.

وقوله: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) أي: كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات، كما قال تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ الآية [الرعد: ١١].

وقوله: (فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ) تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خُلق منه، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد؛ لأن من قدر على البَدَاءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى، كما قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧].

وقوله: (خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ) يعني: المني؛ يخرج دَفقًا من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن الله، ﷿ (٢)؛ ولهذا قال: (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) يعني: صلب الرجل وترائب المرأة، وهو صدرها.

قال شبيب بن بشر، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس: (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) صلب الرجل وترائب المرأة، أصفر رقيق، لا يكون الولد إلا منهما. وكذا قال سعيد بن جُبَير، وعكرمة، وقتادة والسُّدِّي، وغيرهم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن مِسْعَر: سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس: (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) قال: هذه الترائب. ووضع يده على صدره.

وقال الضحاك وعطية، عن ابن عباس: تَريبة المرأة موضُع القلادة. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جُبَير. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الترائب: بين ثدييها.

وعن مجاهد: الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر. وعنه أيضا: الترائب أسفل من التراقي. وقال سفيان الثوري: فوق الثديين. وعن سعيد بن جُبَير: الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل.

وعن الضحاك: الترائب بين الثديين والرجلين والعينين.

وقال الليث بن سعد عن مَعْمَر بن أبي حبيبة (٣) المدني: أنه بلغه في قول الله ﷿: (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) قال: هو عصارة القلب، من هناك يكون الولد.

وعن قتادة: (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) من بين صلبه ونحره.

وقوله: (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) فيه قولان:

أحدهما: على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك. قاله مجاهد،


(١) رواه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٤١٩) من حديث عبد الرحمن بن خنبش، .
(٢) في أ: "بإذن الله تعالى".
(٣) في أ: "حبة".