للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأسباط، كلاهما عن مطرف، به. ورواه من طريق أخرى، عن العوفي، عن ابن عباس، به (١).

وقوله: (فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ) أي: شديد.

(عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) أي: غير سهل عليهم. كما قال تعالى ﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ [القمر: ٨].

وقد روينا عن زُرَارة بن أوفى -قاضي البصرة-: أنه صلى بهم الصبح، فقرأ هذه السورة، فلما وصل إلى قوله: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) شَهِقَ شهقة، ثم خر ميتا، (٢).

﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧)

يقول تعالى متوعدا لهذا الخبيث الذي أنعم الله عليه بنعم الدنيا، فكفر بأنعم الله، وبدلها كفرا، وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها، وجعلها من قول البشر. وقد عدد الله عليه نعَمه حيث قال: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا) أي: خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد، ثم رزقه الله،

(مَالا مَمْدُودًا) أي: واسعًا كثيرًا قيل: ألف دينار. وقيل: مائة ألف دينار. وقيل: أرضا يستغلها. وقيل غير ذلك.

وجعل له (وَبَنِينَ شُهُودًا) قال مجاهد: لا يغيبون، أي: حضورا عنده لا يسافرون في التجارات، بل مَواليهم وأجراؤهم يتولون ذلك عنهم وهم قعود عند أبيهم، يتمتع بهم ويتَمَلَّى بهم. وكانوا -فيما ذكره السدي، وأبو مالك، وعاصم بن عمر بن قتادة-ثلاثة عشر. وقال ابن عباس، ومجاهد: كانوا عشرة. وهذا أبلغ في النعمة [وهو إقامتهم عنده]. (٣)

(وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا) أي: مكنته من صنوف المال والأثاث وغير ذلك،

(ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا) أي: معاندا، وهو الكفر على نعمه بعد العلم.

قال الله: (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا) قال الإمام أحمد:

حدثنا حسن، حدثنا ابن لَهِيعة، عن دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله


(١) تفسير الطبري (٢٩/ ٩٥)
(٢) رواه أبو نعيم في الحلية (٢/ ٢٥٨، ٢٥٩).
(٣) زيادة من م، أ.