للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سمع كعب بن عُجْرَة يقول: فذبحت شاة. رواه ابن مَرْدُوَيه. وروي أيضًا من حديث عمر بن قيس، سندل -وهو ضعيف (١) -عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "النسك شاة، والصيام ثلاثة أيام، والطعام (٢) فَرَق، بين ستة" (٣).

وكذا رُوي عن علي، ومحمد بن كعب، وعكرمة (٤) وإبراهيم [النخعي] (٥) ومجاهد، وعطاء، والسدي، والربيع بن أنس.

وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا عبد الله بن وهب: أن مالك بن أنس حدثه (٦) عن عبد الكريم بن مالك الجَزَري، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب ابن عُجْرة: أنه كان مع رسول الله ، فآذاه القَمْل في رأسه، فأمره رسولُ الله أن يحلق رأسه، وقال: "صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، مُدّين مدّين لكل إنسان، أو انسُك شاة، أيَّ ذلك فعلتَ أجزأ عنك" (٧).

وهكذا روى ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) قال: إذا كان "أو" فأيه أخذتَ أجزأ عنك.

قال ابن أبي حاتم: وروي عن مجاهد، وعكرمة، وعطاء، وطاوس، والحسن، وحُميد الأعرج، وإبراهيم النخَعي، والضحاك، نحو ذلك.

قلت: وهو مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء أنه يُخَيَّر (٨) في هذا المقام، إن شاء صام، وإن شاء تصدّق بفَرق، وهو ثلاثة آصع، لكل مسكين نصفُ صاع، وهو مُدّان، وإن شاء ذبح شاة وتصدّق بها على الفقراء، أيّ ذلك فعل أجزأه. ولما كان لفظ القرآن في بيان الرخصة جاءَ بالأسهل فالأسهل: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) ولما أمَرَ النبي كعبَ بن عجرة بذلك، أرشده إلى الأفضل، فالأفضل فقال: انسك شاة، أو أطعم ستة مساكين أو صم ثلاثة أيام. فكلّ حسن في مقامه. ولله الحمد والمنة.

وقال ابن جرير: حدّثنا أبو كُرَيْب، حدّثنا أبو بكر بن عياش قال: ذكر الأعمشُ قال: سأل إبراهيمُ سعيدَ بن جبير عن هذه الآية: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فأجابه يقول: يُحْكَم عليه طعام، فإن كان عنده اشترى شاة، وإن لم يكن قوّمت الشاة دراهم، وجعل مكانها طعام فتصدق، وإلا صام بكل نصف صاع يومًا، قال إبراهيم: كذلك سمعت علقمة يذكر. قال: لما قال لي سعيد بن جبير: من هذا؟ ما أظرفه! قال: قلت: هذا إبراهيم. فقال: ما أظرفه! كان يجالسنا. قال: فذكرت ذلك لإبراهيم، قال: فلما قلت: "يجالسنا" انتفض منها (٩).


(١) في جـ: "سنده عنه ضعيف".
(٢) في جـ: "والإطعام".
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور (١/ ٥١٥) وعزاه لابن مردويه والواحدي.
(٤) في جـ، ط، أ: "وعلقمة".
(٥) زيادة من جـ، ط.
(٦) في جـ: "حدثهم".
(٧) الحديث في الموطأ (١/ ٤١٧).
(٨) في جـ، ط: "مخيرا"، وفي و: "محير".
(٩) تفسير الطبري (٤/ ٧٤).