للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويفرغ الناسك من أفعال الحج والعمرة، إن كان قارنًا، أو من فعْل أحدهما إن كان مُفْردًا أو متمتعًا، كما ثبت في الصحيحين عن حَفْصَةَ أنها قالت: يا رسول الله، ما شأن (١) الناس حَلّوا من العمرة، ولم تَحِلّ أنت من عمرتك؟ فقال: "إني لَبَّدْتُ رأسي وقلَّدت هَدْيي، فلا أحلّ حتى أنحر" (٢).

وقوله: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) قال البخاري: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني: سمعت عبد الله بن مَعْقل، قال: فعدت إلى كعب بن عُجْرَةَ في هذا المسجد -يعني مسجد الكوفة -فسألته عن (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ) فقال: حُملْتُ إلى النبي والقملُ يتناثر على وجهي. فقال: "ما كنتُ أرَى أن الجَهد بلغ بك هذا! أما تجد شاة؟ " قلت: لا. قال: "صُمْ ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك". فنزلت فيّ خاصة، وهي لكم عامة (٣).

وقال الإمام أحمدُ: حدثنا إسماعيلُ، حدثنا أيوب، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجْرَة قال: أتى عَلَيّ النبي وأنا أوقد تحت قدر، والقَمْلُ يتناثَرُ على وجهي -أو قال: حاجبي -فقال: "يُؤْذيك (٤) هَوَامُّ رأسك؟ ". قلت: نعم. قال: "فاحلقه، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة". قال أيوب: لا أدري بأيتهن بدأ (٥).

وقال أحمد أيضا: حدثنا هُشَيْم، أخبرنا أبو بشر (٦) عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: كنا مع رسول الله بالحديبية، ونحن محرمون وقد حصره المشركون (٧) وكانت لي وَفْرة، فجعلت الهوام تَسَاقَطُ على وجهي، فمر بي رسول الله (٨) فقال: "أيؤذيك هوام رأسك؟ " فأمره أن يحلق. قال: ونزلت هذه الآية: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (٩).

وكذا رواه عفان، عن شعبة، عن أبي بشر، وهو جعفر بن إياس، به. وعن شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به (١٠). وعن شعبة، عن داود، عن الشعبي، عن كعب بن عُجْرَة، نحوه.

ورواه الإمام مالك عن حميد بن قيس، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة -فذكر نحوه (١١).

وقال سعد (١٢) بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبان بن صالح، عن الحسن البصري: أنه


(١) في جـ: "ما بال".
(٢) صحيح البخاري برقم (١٧٢٥) وصحيح مسلم برقم (١٢٢٩).
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٥١٧).
(٤) في جـ: "أيؤذيك".
(٥) المسند (٤/ ٢٤١).
(٦) في جـ: "حدثنا يونس".
(٧) في جـ: "العدو".
(٨) في جـ، ط، أ: "فمر بي النبي".
(٩) المسند (٤/ ٢٤١).
(١٠) رواه أحمد في المسند كما في أطرافه لابن حجر (٥/ ٢١٩).
(١١) الموطأ (١/ ٤١٧).
(١٢) في طـ، أ: "وقال سعيد".