للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جرير: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا وكيع، عن سليم (١) مولى الشعبي، عن الشعبي قال: المسد: الليف.

وقال عروة بن الزبير: المسد: سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا.

وعن الثوري: هو قلادة من نار، طولها سبعون ذراعًا.

وقال الجوهري: المَسَدُ: الليف. والمَسَد أيضا: حبل من ليف أو خوص، وقد يكون من جلود الإبل أو أوبارها، ومسدت الحبل أمسدُهُ مَسْدًا: إذا أجْدتُ فَتله (٢).

وقال مجاهد: (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي: طوق من حديد، ألا ترى أن العرب يسمون البَكْرة مَسَدًا؟

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي وأبو زُرْعة قالا حدثنا عبد الله بن الزبير الحُمَيدي، حدثنا سُفيان، حدثنا الوليد بن كثير، عن ابن تدرس، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما نزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب، ولها ولولة، وفي يدها فهر، وهي تقول:

مُذَممًا أبَينَا ودينَه قَلَينا وَأمْرَه عَصَينا

ورسول الله جالس في المسجد ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك. فقال رسول الله : "إنها لن تراني". وقرأ قرآنا اعتصم به، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا﴾ [الإسراء: ٤٥]. فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله فقالت: يا أبا بكر، إني أخبرت أن صاحبك هجاني؟ قال: لا ورب هذا البيت ما هجاك. فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيدها. قال: وقال الوليد في حديثه أو غيره: فعثَرَت أم جميل في مِرْطها وهي تطوف بالبيت، فقالت: تَعس مُذَمَّم. فقالت أم حكيم بنت عبد المطلب: إني لحصانُ فما أكلَّم، وثَقَافُ فما أعلَّم، وكلنا من بني العم، وقريش بعد أعلم (٣).

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا إبراهيم بن سعيد وأحمد بن إسحاق قالا حدثنا أبو أحمد، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: لما نزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) جاءت امرأة أبي لهب ورسول الله جالس، ومعه أبو بكر. فقال له أبو بكر: لو تَنَحَّيت لا تُؤذيك بشيء. فقال رسول الله : "إنه سَيُحال بيني وبينها". فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر فقالت: يا أبا بكر، هجانا صاحبك. فقال أبو بكر: لا ورب هذه البنية ما نَطَق بالشعر ولا يتفوه به. فقالت: إنك لمصدق، فلما ولت قال أبو بكر، : ما رأتك؟ قال: "لا ما زال ملك يسترني حتى ولت".


(١) في أ: "سليمان".
(٢) الصحاح للجوهري، مادة "مسد" (١/ ٥٣٥).
(٣) مسند الحميدي (١/ ١٥٣) ورواه أبو يعلى في مسنده (١/ ٥٣) من طريق سفيان به، وسبق تخريجه عند تفسير الآية: ٤٥ من سورة الإسراء.