للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قال البزار: لا نعلمه يُروَى بأحسنَ من هذا الإسناد، عن أبي بكر، (١).

وقد قال بعض أهل العلم في قوله تعالى: (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي: في عنقها حبل في نار [جهنم] (٢) تُرفَع به إلى شفيرها، ثم يرمى بها إلى أسفلها، ثم كذلك دائما.

قال أبو الخطاب بن دَحْية في كتابه التنوير (٣) -وقد رَوَى ذلك-وعُبر بالمسد عن حبل الدلو، كما قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب "النبات": كلّ مَسَد: رشاء، وأنشد في ذلك:

وَبَكْرَةً ومِحْوَرًا صِرَارًا … وَمَسَدًا مِنْ أبق مُغَارًا

قال: والأبقُ: القنَّبُ.

وقال الآخر:

يا مَسَدَ الخُوص تَعَوّذْ مني … إنْ تَكُ لَدْنًا لَيّنا فإني

ما شئْتَ مِنْ أشْمَطَ مُقْسَئِنّ

قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة، فإنه منذ نزل قوله تعالى: (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان، لم يقيض لهما أن يؤمنا، ولا واحد منهما لا ظاهرًا ولا باطنًا، لا مسرًا ولا معلنًا، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة على النبوة الظاهرة.

[آخر تفسير "تبت" ولله الحمد والمنة] (٤)


(١) مسند البزار برقم (٢٢٩٤) "كشف الأستار"، ورواه أبو يعلى في مسنده (١/ ٣٣) من طريق عبد السلام بن حرب به، وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٤٤): "فيه عطاء بن السائب وقد اختلط".
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) التنوير في مولد السراج المنير لابن دحية الكلبي، عمله لملك إربل. انظر: وفيات الأعيان (٣/ ١٢٢).
(٤) زيادة من م، أ.