للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه [ابن جرير و] (١) ابن أبي حاتم، من حديث شريك -وهو ابن عبد الله القاضي-به.

وقال عكرمة: الوالد: العاقر، وما ولد: الذي يلد. رواه ابن أبي حاتم.

وقال مجاهد، وأبو صالح، وقتادة، والضحاك، وسفيان الثوري، وسعيد بن جبير، والسدي، والحسن البصري، وخُصيف، وشرحبيل بن سعد وغيرهم: يعني بالوالد آدم، وما ولد ولده.

وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حَسَنٌ قوي؛ لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى وهي المساكن أقسم بعده بالساكن، وهو آدم أبو البشر وولده.

وقال أبو عمران الجوني: هو إبراهيم وذريته. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.

واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده. وهو محتمل أيضا.

وقوله: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ) رُوي عن ابن مسعود، وابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وخَيْثَمة، والضحاك، وغيرهم: يعني منتصبا -زاد ابن عباس في رواية عنه-في (٢) بطن أمه.

والكبد: الاستواء والاستقامة. ومعنى هذا القول: لقد خلقنا الإنسان سويا مستقيما كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ [الانفطار: ٦، ٧]، وكقوله ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: ٤].

وقال ابن [أبي نجيح] (٣) جريج وعطاء (٤) عن ابن عباس: في كبد، قال: في شدّة خُلق، ألم تر إليه … وذكر مولده ونبات أسنانه.

قال مجاهد: (فِي كَبَدٍ) نطفة، ثم علقة، ثم مضغة يتكبد في الخلق -قال مجاهد: وهو كقوله: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾ وأرضعته كرها، ومعيشته كره، فهو يكابد ذلك.

وقال سعيد بن جبير: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ) في شدة وطَلَب معيشة. وقال عكرمة: في شدة وطول. وقال قتادة: في مشقة.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلا من الأنصار عن قول الله: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ) قال: في قيامه واعتداله. فلم يُنكر عليه أبو جعفر.

وروى من طريق أبي مودود: سمعت الحسن قرأ هذه الآية: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ) قال: يكابد أمرا من أمر الدنيا، وأمرا من أمر الآخرة -وفي رواية: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة.


(١) زيادة من أ.
(٢) في م، أ: "منتصبا في".
(٣) زيادة من م.
(٤) في م، أ: "عن عطاء".