للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن زيد: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ) قال: آدم خلق في السماء، فَسُمي ذلك الكَبَد.

واختار ابن جرير أن المراد [بذلك] (١) مكابدة الأمور ومشاقها.

وقوله: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) قال الحسن البصري: يعني أيحسب أن لن يقدر عليه أحد يأخذ ماله.

وقال قتادة: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) قال: ابن آدم يظن أن لن يُسأل عن هذا المال: من أين اكتسبه؟ وأين أنفقه؟

وقال السدي: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) قال: الله ﷿.

وقوله: (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا) أي: يقول ابن آدم: أنفقت مالا لبدا، أي: كثيرا. قاله مجاهد [والحسن] (٢) وقتادة، والسدي، وغيرهم.

(أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) قال مجاهد: أي أيحسب أن لم يره الله ﷿. وكذا قال غيره من السلف.

وقوله: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) أي: يبصر بهما، (وَلِسَانًا) أي: ينطق به، فَيُعبر عما في ضميره، (وَشَفَتَيْنِ) (٣) يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام، وجمالا لوجهه وفمه.

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الربيع الدمشقي، عن مكحول قال: قال النبي : "يقول الله تعالى: يا ابن آدم، قد أنعمت عليك نعماً عظاما لا تحصى عددها ولا تطيق شكرها، وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما، وجعلت لهما غطاءً، فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك، وإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما. وجعلت لك لسانا، وجعلت له غلافا، فانطق بما أمرتك وأحللتُ لك، فإن عَرَض لك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك. وجعلت لك فرجا، وجعلت لك سترا، فأصب بفرجك ما أحللت لك، فإن عَرَض لك ما حرمت عليك فَأرْخِ عليك سترك. يا ابن آدم، إنك لا تحمل سخطي، ولا تطيق انتقامي" (٤).

(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) قال سفيان الثوري، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله -هو ابن مسعود-: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) قال: الخير والشر. وكذا رُوي عن علي، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبي وائل، وأبي صالح، ومحمد بن كعب، والضحاك، وعطاء الخراساني في آخرين.

وقال عبد الله بن وهب: أخبرني بن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سِنان بن سعد، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "هما نجدان، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" (٥).


(١) زيادة من م.
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) في م: (ولسانا وشفتين).
(٤) تاريخ دمشق (١٩/ ٤٦ "المخطوط").
(٥) ورواه ابن عدي في الكامل (٣/ ٣٥٦) من طريق ابن وهب.