للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِهْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَاقِبُ وَالطَّيِّبُ، فَدَعَاهُمَا إِلَى الْمُلَاعَنَةِ فَوَاعَدَاهُ عَلَى أَنْ يُلَاعِنَاهُ (١) الْغَدَاةَ. قَالَ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَأَبَيَا أَنْ يَجِيئَا (٢) وأقَرَّا بِالْخَرَاجِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "وَالَّذِي بَعَثَني بالْحَقِّ لَوْ قَالا لَا لأمْطَرَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي (٣) نَارًا" قَالَ جَابِرٌ: فِيهِمْ نَزَلَتْ {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} قَالَ جَابِرٌ: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ {وَأَبْنَاءَنَا} (٤) الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ {وَنِسَاءَنَا} فَاطِمَةَ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الْأَزْهَرِيِّ (٥) عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْر، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِر، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، بِهِ بِمَعْنَاهُ. ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ (٦) .

هَكَذَا قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ (٧) عَنِ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا وَهَذَا أَصَحُّ (٨) وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءِ نَحْوُ ذَلِكَ.

ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} أَيْ: هَذَا الَّذِي قَصَصْنَاهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ فِي شَأْنِ عِيسَى هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مَعْدل عَنْهُ وَلَا مَحِيدَ {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّه وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. فَإِنْ تَوَلَّوْا} أَيْ: عَنْ هَذَا إِلَى غَيْرِهِ. {فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ} أَيْ: مَنْ عَدَلَ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ فَهُوَ الْمُفْسِدُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِهِ، وَسَيَجْزِيهِ عَلَى ذَلِكَ شَرَّ الْجَزَاءِ، وَهُوَ الْقَادِرُ، الَّذِي لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ [سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ حُلُولِ نِقَمَهِ] (٩) .

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤) }

هَذَا الْخِطَابُ يَعُمُّ أَهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} وَالْكَلِمَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُفِيدَةِ كَمَا قَالَ هَاهُنَا. ثُمَّ وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ: {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} أَيْ: عَدْلٌ وَنَصَفٌ، نَسْتَوِي نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا. ثُمَّ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ: {أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا}


(١) في جـ، أ، و: "يعاوداه". وفي ر: "يعاديه".
(٢) في أ: "يجيبا".
(٣) في جـ: "الوادي عليهم".
(٤) في ر: "وابنانا".
(٥) في ر: "الأزهر" وفي أ، و: "الزهري".
(٦) المستدرك (٢/٥٩٣، ٥٩٤) ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة (٢/٥٩٣) من طريق دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جابر به.
(٧) في جـ، ر، أ، و: "مغيرة".
(٨) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/٣١٠) من طريق شعبة به، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٤/٥٤٩) ، والطبري في تفسيره (٦/٤٦٨) من طريق جرير عن مغيرة عن الشعبي به مرسلا، ورواه سعيد بن منصور في السنن برقم (٥٠٠) من طريق هشيم عن مغيرة عن الشعبي به مرسلا.
(٩) زيادة من و.

<<  <  ج: ص:  >  >>