للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الْحَجِّ:٤٦] ، وَقَالَ {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزُّخْرُفِ:٣٦، ٣٧] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ} أَيْ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَسْمَعُونَ الْحَقَّ وَلَا يَعُونَهُ وَلَا يُبْصِرُونَ الْهُدَى، كَالْأَنْعَامِ السَّارِحَةِ الَّتِي لَا تَنْتَفِعُ (١) بِهَذِهِ الْحَوَاسِّ مِنْهَا إِلَّا فِي الَّذِي يَعِيشُهَا مِنْ ظَاهِرِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً [صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ] (٢) } [الْبَقَرَةِ:١٧١] أَيْ: وَمَثَلُهُمْ -فِي حَالِ دُعَائِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ -كَمَثَلِ الْأَنْعَامِ إِذَا دَعَاهَا رَاعِيهَا لَا تَسْمَعُ إِلَّا صَوْتَهُ، وَلَا تَفْقَهُ (٣) مَا يَقُولُ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي هَؤُلَاءِ: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} أَيْ: مِنَ الدَّوَابِّ؛ لِأَنَّ الدَّوَابَّ قَدْ تَسْتَجِيبُ مَعَ ذَلِكَ لِرَاعِيهَا إِذَا أَبَسَّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَفْقَهْ كَلَامَهُ، بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ؛ وَلِأَنَّ الدَّوَابَّ تَفْقَهُ (٤) مَا خُلِقَتْ لَهُ إِمَّا بِطَبْعِهَا وَإِمَّا بِتَسْخِيرِهَا، بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا خُلِقَ لِيَعْبُدَ اللَّهَ وَيُوَحِّدَهُ، فَكَفَرَ بِاللَّهِ وَأَشْرَكَ بِهِ؛ وَلِهَذَا مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ مِنَ الْبَشَرِ كَانَ أَشْرَفَ مَنْ مِثْلِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي مَعَادِهِ، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ (٥) مِنَ الْبَشَرِ، كَانَتِ الدَّوَابُّ أَتَمَّ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}

{وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠) }

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ".

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْهُ (٦) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِهِ (٧) وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الْجَوْزَجَانِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ شُعَيْبٍ فَذَكَرَ بِسَنَدِهِ مِثْلَهُ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: "يُحِبُّ الْوِتْرَ": هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الْمَلِكُ، الْقُدُّوسُ، السَّلَامُ، الْمُؤْمِنُ، الْمُهَيْمِنُ، الْعَزِيزُ، الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ، الْخَالِقُ، الْبَارِئُ، الْمُصَوِّرُ، الْغَفَّارُ، الْقَهَّارُ، الْوَهَّابُ، الرَّزَّاقُ، الْفَتَّاحُ، الْعَلِيمُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الْخَافِضُ، الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ، الْمُذِلُّ، السَّمِيعُ، الْبَصِيرُ، الْحَكَمُ، الْعَدْلُ، اللَّطِيفُ، الْخَبِيرُ، الْحَلِيمُ، الْعَظِيمُ، الْغَفُورُ، الشَّكُورُ، الْعَلِيُّ، الْكَبِيرُ، الْحَفِيظُ، الْمَقِيتُ، الْحَسِيبُ، الْجَلِيلُ، الْكَرِيمُ، الرَّقِيبُ، الْمُجِيبُ، الْوَاسِعُ، الْحَكِيمُ، الْوَدُودُ، الْمَجِيدُ، الْبَاعِثُ، الشَّهِيدُ، الْحَقُّ، الْوَكِيلُ، الْقَوِيُّ، الْمَتِينُ، الْوَلِيُّ، الْحَمِيدُ، الْمُحْصِي، الْمُبْدِئُ، الْمُعِيدُ، الْمُحْيِي، الْمُمِيتُ، الْحَيُّ، الْقَيُّومُ، الْوَاجِدُ، الْمَاجِدُ، الْوَاحِدُ، الْأَحَدُ، الْفَرْدُ، الصَّمَدُ، الْقَادِرُ، الْمُقْتَدِرُ، الْمُقَدِّمُ، الْمُؤَخِّرُ، الْأَوَّلُ، الْآخِرُ، الظاهر،


(١) في ك، م: "لا ينتفع".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في أ: "لا تفهم".
(٤) في أ: "تفعل".
(٥) في أ: "بالله".
(٦) صحيح البخاري برقم (٦٤١٠) وصحيح مسلم برقم (٢٦٧٧) .
(٧) صحيح البخاري برقم (٧٣٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>