للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صفين، قال: ثم ركع فركعنا جميعا، ثم رفع فرفعنا جميعا، ثم سجد النبي بالصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم، فلما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، ثم ركع فركعوا جميعا، ثم رفع فرفعوا جميعا، ثم سجد النبي والصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم، فلما جلسوا جلس الآخرون فسجدوا، ثم سلم عليهم، ثم انصرف. قال: فصلاها رسول الله مرتين: مرة بعسفان، ومرة بأرض بني سليم.

ثم رواه أحمد، عن غُنْدَر، عن شعبة، عن منصور، به نحوه. وهكذا رواه أبو داود، عن سعيد بن منصور، عن جرير بن عبد الحميد، والنسائي من حديث شعبة وعبد العزيز بن عبد الصمد، كلهم عن منصور، به (١).

وهذا إسناد صحيح، وله شواهد كثيرة، فمن ذلك ما رواه البخاري حيث قال: حدثنا حَيْوَة بن شُرَيح، حدثنا محمد بن حرب، عن الزُّبيدي، عن الزُّهري، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: قام النبي وقام الناس معه، فكبر وكبروا معه، وركع وركع ناس منهم، ثم سجد وسجدوا معه، ثم قام الثانية فقام الذين سجدوا، وحرسوا إخوانهم، وأتت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا معه، والناس كلهم في الصلاة، ولكن يحرس بعضهم بعضًا (٢).

وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن سليمان اليَشْكُري: أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة: أي يوم أنزل؟ أو: أي يوم هو؟ فقال جابر: انطلقنا نتلقي عِيرَ قريش آتية من الشام، حتى إذا كنا بنخل، جاء رجل من القوم إلى رسول الله فقال: يا محمد. قال: "نعم"، قال: هل تخافني؟ قال: "لا". قال: فما (٣) يمنعك مني؟ قال: "الله يمنعني منك". قال: فَسلَّ السيف ثم تهدده وأوعده، ثم نادى بالترحل وأخذ السلاح، ثم نودي بالصلاة، فصلى رسول الله بطائفة من القوم وطائفة أخرى تحرسهم. فصلى بالذين يلونه ركعتين، ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصاف أصحابهم، ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم، ثم سلم. فكانت للنبي أربع ركعات، والقوم ركعتين ركعتين، فيومئذ أنزل الله في إقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخذ السلاح.

وقال الإمام أحمد: حدثنا سُرَيج (٤) حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس اليَشْكُري، عن جابر بن عبد الله قال: قاتل رسول الله محارب خَصَفَة (٥) فجاء رجل منهم يقال له: "غورث بن الحارث" حتى قام على رسول الله بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ قال: "الله"، فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله فقال: "ومن يمنعك مني"؟ قال: كن خير آخذ. قال: "أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ " قال: لا ولكني أعاهدك ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى سبيله، فأتى قومه فقال: جئتكم (٦) من عند خير الناس. فلما حضرت الصلاة صلى


(١) المسند (٤/ ٥٩، ٦٠) وسنن أبي داود برقم (١٢٣٦) وسنن سعيد بن منصور برقم (٦٨٦) وسن النسائي (٣/ ١٧٦).
(٢) صحيح البخاري برقم (٩٤٤).
(٣) في أ: "فمن".
(٤) في ر: "شريح".
(٥) في ر: "حفصة".
(٦) في أ: "جئتك".