للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي (١) حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا أبو محمد عيسى بن موسى، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله : "إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال [من أصحابي رجالا] (٢) ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب" ثم قرأ: (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) (٣) يعني: بقية من بقي من أمة محمد .

وقوله: (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي: ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره.

وقوله: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) يعني: ما أعطاه الله محمدا من النبوة العظيمة، وما خص به أمته من بعثته إليهم.

﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)

يقول تعالى ذامًّا لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها، فلم يعملوا بها، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا، أي: كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها، فهو يحملها حملا حسيا (٤) ولا يدري ما عليه. وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه، حفظوه لفظا ولم يفهموه (٥) ولا عملوا بمقتضاه، بل أولوه وحرفوه وبدلوه، فهم أسوأ حالا من الحمير؛ لأن الحمار لا فهمَ له، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها؛ ولهذا قال في الآية الأخرى: ﴿أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩] وقال هاهنا: (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

وقال الإمام أحمد : حدثنا ابن نُمَير، عن مجالد، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له "أنصت"، ليس له جمعة" (٦)


(١) في أ: "الترمذي".
(٢) زيادة من الدر المنثور. مستفادًا من هامش ط. الشعب.
(٣) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٦/ ٢٠١) وابن أبي عاصم في السنة برقم (٣٠٩) من طريق الوليد بن مسلم، عن أبي محمد -عيسى بن موسى- به، وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٤٠٨): "إسناده جيد".
(٤) في أ: "حسنًا".
(٥) في م: "ولم يتفهموه".
(٦) المسند (١/ ٢٣٠) وقال الهيثمي في المجمع (٢/ ١٨٤): "فيه مجالد بن سعيد وقد ضعفه الناس ووثقه النسائي في رواية".