للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولهذا رواه هاهنا الحبرُ أبو محمد بن أبي حاتم، ، من حديث سفيان الثوري عن يزيد (١) عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي قال: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" (٢). وروي من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه (٣) ومن حديث أبي إسحاق عن محمد بن سعد عن أبيه (٤)] (٥).

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الفسوق هاهنا: الذبح للأصنام. قال الله تعالى: ﴿أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [الأنعام: ١٤٥].

وقال الضحاك: الفسوق: التنابز بالألقاب.

والذين قالوا: الفسوق هاهنا هو جميع المعاصي، معهم الصواب، كما نهى تعالى عن الظلم في الأشهر الحرم، وإن كان في جميع السنة منهيًا عنه، إلا أنه في الأشهر الحرم آكَدُ؛ ولهذا قال: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦]، وقال في الحرم: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥].

واختار ابن جرير أن الفسوق هاهنا: هو ارتكاب ما نُهي عنه في الإحرام، من قتل الصيد، وحَلْق الشعر، وقَلْم الأظفار، ونحو ذلك، كما تقدم عن ابن عمر. وما ذكرناه أولى، والله أعلم. وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" (٦).

وقوله: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) فيه قولان:

أحدهما: ولا مجادلة في وقت الحج وفي مناسكه، وقد بينه الله أتَمّ بيان ووضحه أكمل إيضاح. كما قال وَكِيع، عن العلاء بن عبد الكريم: سمعت مجاهدًا يقول: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) قد بين الله أشهر الحَج، فليس فيه جدال بين الناس.

وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) قال: لا شهر يُنْسَأ، ولا جدال في الحج، قد تَبَيَّن، ثم ذكر كيفية ما كان المشركون يصنعون في النسيء الذي ذمهم الله به.

وقال الثوري، عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن مجاهد في قوله: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) قال: قد استقام الحج، فلا جدَال فيه. وكذا قال السدي.

وقال هُشَيم: أخبرنا حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) قال: المراء في الحج.


(١) في أ: "عن زيد"، وفي و: "عن زبيد".
(٢) ورواه البخاري في صحيحه برقم (٦٠٤٤) ومسلم في صحيحه برقم (٦٣) من طريق منصور بن المعتمر عن أبي وائل به.
(٣) رواه الترمذي في السنن برقم (٢٦٣٤) والنسائي في السنن (٧/ ١٢٢).
(٤) رواه ابن ماجة في السنن برقم (٣٩٤١).
(٥) زيادة من جـ، ط، أ، و.
(٦) صحيح البخاري برقم (١٥٢١) وصحيح مسلم برقم (١٣٥٠).