للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد الله بن وهب: قال مالك: قال الله تعالى: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) فالجدال في الحج -والله أعلم -أنّ قريشًا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة، وكانت العرب، وغيرهم يقفون بعَرفَة، وكانوا يتجادلون، يقول هؤلاء: نحن أصوب. ويقول هؤلاء: نحن أصوب. فهذا فيما نرى، والله أعلم.

وقال ابن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كانوا يقفُون مَوَاقف مختلفة يتجادلون، كُلّهم يدعي أن موقفه موقف إبراهيم فقطعه الله حين أعلم نَبَّيه بالمناسك.

وقال ابن وهب، عن أبي صخر، عن محمد بن كعب، قال: كانت قريش إذا اجتمعت بمنى قال هؤلاء: حجُّنا أتّم من حجكم. وقال هؤلاء: حجّنا أتم من حَجكم.

وقال حماد بن سلمة عن جبر (١) بن حبيب، عن القاسم بن محمد أنه قال: الجِدَال في الحج أن يقول بعضهم: الحجّ غدًا. ويقول بعضهم: اليوم.

وقد اختار ابن جرير مضمونَ هذه الأقوال، وهو قطع التنازع في مناسك الحج.

والقول الثاني: أن المراد بالجدال هاهنا: المخاصمة.

قال ابن جرير: حدثنا عبد الحميد بن بيان (٢) حدثنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله -هو ابن مسعود -في قوله: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) قال: أنْ تماري صاحبك حتى تغضبه.

وبهذا الإسناد إلى أبي إسحاق، عن التميمي: سألت ابن عباس عن "الجدال" قال: المراء، تماري صاحبك حتى تغضبه. وكذا روى مِقْسَم والضحاك، عن ابن عباس. وكذا قال أبو العالية، وعطاء ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وجابر بن زيد، وعطاء الخراساني، ومكحول، وعمرو بن دينار، والسدي، والضحاك، والربيع بن أنس، وإبراهيم النَّخَعي، وعطاء بن يسار، والحسن، وقتادة، والزهري، ومقاتل بن حيّان.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) قال الجدال: المراء والملاحاة، حتى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى الله عن ذلك.

وقال إبراهيم النخعي: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) قال: كانوا يكرهون الجدال. وقال محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: الجدال: السباب والمنازعة. وكذا روى ابن وهب، عن يونس، عن نافع: أن ابن عمر كان يقول: الجدال في الحج: السباب، والمراء، والخصومات، وقال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن الزبير، والحسن، وإبراهيم، وطاوس، ومحمد بن كعب، قالوا: الجدال المراء.

وقال عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن بشر (٣) عن عكرمة: (وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) والجدال الغضب، أن تُغْضب عليك مسلمًا، إلا أن تستعتب مملوكًا فتُغْضبه من غير أن تضربه، فلا بأس عليك، إن شاء الله.


(١) في جـ: "عن حسين"، وفي أ: "عن جبير".
(٢) في جـ: "بن سنان".
(٣) في أ: "بن بشير".