للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: ولو ضربه لكان جائزًا سائغًا. والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن إدريس، حدثنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه: أنّ أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسول الله حُجّاجًا، حتى إذا كنا بالعَرْج نزل رسول الله ، فجلست عائشةُ إلى جنب رسول الله، وجلستُ إلى جَنْب أبي. وكانت (١) زِمَالة أبي بكر وزِمَالة رسول الله واحدة مع غلام أبي بكر، فجلس أبو بكر ينتظره إلى أن يطلع عليه، فأطْلَعَ وليس معه بعيره، فقال: أين بعيرك؟ فقال: أضللتُه البارحة. فقال أبو بكر: بعير واحد تُضلَّه؟ فطفق يضربه، ورسول الله يتبسم ويقول: "انظروا إلى هذا المُحْرِم ما يصنع؟ ".

وهكذا أخرجه أبو داود، وابن ماجه، من حديث ابن إسحاق (٢). ومن هذا الحديث حكى بعضُهم عن بعض السلف أنه قال: من تمام الحج ضَرْبُ الجمال. ولكن يستفاد من قول النبي عن أبي بكر: "انظروا إلى هذا المُحْرِم ما يصنع؟ " -كهيئة الإنكار اللطيف -أن الأولى تركُ ذلك، والله أعلم.

وقد قال الإمام عبد بن حميد في مسنده: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة (٣) عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : "من قضَى نُسُكَه وسلِم المسلمون من لسانه ويده، غفر له ما تقدم من ذنبه (٤) " (٥).

وقوله: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعْلا حَثَّهم على فعل الجميل، وأخبرهم أنه عالم به، وسيجزيهم عليه أوفرَ الجزاء يوم القيامة.

وقوله: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) قال العوفي، عن ابن عباس: كان أناس يخرجون من أهليهم ليست (٦) معهم أزْودة، يقولون: نَحُجُّ بيت الله ولا يطعمنا .. فقال الله: تزودوا (٧) ما يكف وجوهكم عن الناس.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة: قال: إن ناسًا كانوا يحجون بغير زاد، فأنزل الله: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)

وكذا رواه ابن جرير عن عمرو -وهو الفَلاس (٨) -عن ابن عيينة.

قال ابن أبي حاتم: وقد روى هذا الحديث ورَقْاء، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال: وما يرويه عن ابن عيينة أصح.


(١) في ط: "وكان".
(٢) المسند (٦/ ٣٤٤) وسنن أبي داود برقم (١٨١٨) وسنن ابن ماجة برقم (٢٩٣٣).
(٣) في جـ: "عن أخيه عن عبد الله".
(٤) في جـ: "ما تقدم من ذنبه وما تأخر".
(٥) المنتخب لعبد بن حميد برقم (١١٤٨) وموسى بن عبيدة ضعيف.
(٦) في جـ: "ليس".
(٧) في أ: "وتزودوا".
(٨) في جـ: "وهو ابن العلاء" وفي أ: "أبو الفلاس".