للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رواه أبو وكيع وشعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد، عن ابن عباس، موقوفا".

وقال الثوري، عن السدي، عن عبد خير قال: سمعت عليا قرأ (١) (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى) فقال: سبحان ربي الأعلى.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حُمَيد، حدثنا حَكَّام عن عَنْبَسة، عن أبي إسحاق الهَمْداني: أن ابن عباس كان إذا قرأ: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى) يقول: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ: ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١] فأتى على آخرها: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: ٤٠] يقول: سبحانك وبلى (٢).

وقال قتادة: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى) ذُكِرَ لنا أن نَبِيّ الله كان إذا قرأها، قال: "سبحان ربي الأعلى".

وقوله: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) أي: خلق الخليقة وسَوّى كل مخلوق في أحسن الهيئات.

وقوله: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) قال مجاهد: هدى الإنسان للشقاوة والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها.

وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: ٥٠] أي: قدر قدرا، وهدى الخلائق إليه، كما ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عَمرو: أن رسول الله قال: "إن الله قَدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء" (٣).

وقوله: (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى) أي: من جميع صنوف النباتات والزروع، (فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى) قال ابن عباس: هشيما متغيرا. وعن مجاهد، وقتادة، وابن زيد، نحوه.

قال ابن جرير: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب (٤) يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام: والذي أخرج المرعى أحوى، أي: أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك. ثم قال ابن جرير: وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب؛ لمخالفته أقوال أهل التأويل.

وقوله: (سَنُقْرِئُكَ) أي: يا محمد (فَلا تَنْسَى) وهذا إخبار من الله، ﷿، ووعد منه له، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها، (إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ) وهذا اختيار ابن جرير.

وقال قتادة: كان رسول الله لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله.

وقيل: المراد بقوله: (فَلا تَنْسَى) طلب، وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من


(١) في أ: "يقرأ".
(٢) تفسير الطبري (٣٠/ ٩٦).
(٣) صحيح مسلم برقم (٢٦٥٣).
(٤) في أ: "بكلام العربية".