للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النسخ، أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه؛ فلا عليك أن تتركه.

وقوله: (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى) أي: يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء.

وقوله تعالى: (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى) أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعا سهلا سمحا مستقيما عدلا لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر.

وقوله: (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة. ومن هاهنا (١) يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي، : ما أنت بمحدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال: حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ !

وقوله: (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى) أي: سيتعظ بما تبلغه-يا محمد-من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه، (وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا) أي: لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة تنفعه، بل هي مضرة عليه؛ لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب، وأنواع النكال.

قال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان-يعني التيمي-عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : "أما أهل النار الذين هم أهلها لا (٢) يموتون ولا يحيون، وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء (٣) فيأخذ الرجل أنصاره فينبتهم-أو قال: ينبتون-في نهر الحياء-أو قال: الحياة-أو قال: الحيوان-أو قال: نهر الجنة فينبتون-نبات الحبَّة في حميل السيل". قال: وقال النبي : "أما ترون الشجرة تكون خضراء، ثم تكون صفراء أو قال: تكون صفراء ثم تكون خضراء؟ ". قال: فقال بعضهم: كأن النبي كان بالبادية (٤).

وقال أحمد أيضا: حدثنا إسماعيل، حدثنا سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أناس-أو كما قال-تصيبهم النار بذنوبهم-أو قال: بخطاياهم-فيميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فنبتوا على أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة، اقبضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل". قال: فقال رجل من القوم حينئذ: كأن رسول الله كان بالبادية.

ورواه مسلم في حديث بشر بن المفضل (٥) وشعبة، كلاهما عن أبي مَسْلَمة سعيد بن زيد، به


(١) في م: "ومن هذا".
(٢) في أ: "فإنهم لا".
(٣) في أ: "الشفاعة".
(٤) المسند (٣/ ٥).
(٥) في أ: "الفضل".