للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لهم منها.

وقوله: (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا) أي: حتى إذا رأى هؤلاء المشركون من الجن والإنس ما يوعدون يوم القيامة فسيعلمون يومئذ من أضعف ناصرًا وأقل عددًا، هم أم المؤمنون الموحدون لله ﷿، أي: بل المشركين لا ناصر لهم بالكلية، وهم أقل عددًا من جنود الله ﷿.

﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (٢٥) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (٢٨)

يقول تعالى آمرًا رسوله أن يقول للناس: إنه لا علم له بوقت الساعة، ولا يدري أقريب وقتها أم بعيد؟ (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا)؟ أي: مدة طويلة.

وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن الحديث الذي يتداوله كثير من الجهلة من أنه ، لا يؤلف تحت الأرض، كذب لا أصل له، ولم نره في شيء من الكتب. وقد كان يسأل عن وقت الساعة فلا يجيب عنها، ولما تَبدَّى له جبريل في صورة أعرابي كان فيما سأله أن قال: يا محمد، فأخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل" (١) ولما ناداه ذلك الأعرابي بصوت جَهوريّ فقال: يا محمد، متى الساعة؟ قال: "ويحك. إنها كائنة، فما أعددت لها؟ ". قال: أما إني لم أعد لها كثير (٢) صلاة ولا صيام، ولكني أحب الله ورسوله. قال: "فأنت مع من أحببت". قال أنس: فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث (٣)

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مُصفَى، حدثنا محمد بن حمير (٤) حدثني أبو بكر بن أبي مريم، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي قال: "يا بني آدم، إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى، والذي نفسي بيده، إنما توعدون لآت" (٥)

وقد قال أبو داود في آخر "كتاب الملاحم": حدثنا موسى بن سهيل، حدثنا حجاج بن إبراهيم، حدثنا ابن وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن أبيه، عن أبي ثَعلبة الخُشني قال: قال رسول الله : "لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم" (٦)


(١) هو جزء من حديث جبريل الطويل، رواه مسلم في صحيحه برقم (٨) من حديث عمر بن الخطاب .
(٢) في م: "كبير".
(٣) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٦٣٩) من حديث أنس، .
(٤) في أ: "محمد بن جبير".
(٥) ورواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (١٠٥٦٤) من طريق الحسن بن سفيان، عن محمد بن المصفي، به.
(٦) سنن أبي داود برقم (٤٣٤٩)،، ورواه الحاكم في المستدرك (٤/ ٤٢٤) من طريق ابن وهب، به. وقال الحاكم: "صحيح على شرطهما ولم يخرجاه".