للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني. ولهذا قال تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) (١).

قال قتادة: الأحب فالأحبَ، والأقرب فالأقربَ، من هول ذلك اليوم.

وقوله: (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) أي: هو في شُغُل شاغل عن غيره.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، حدثنا الوليد بن صالح، حدثنا ثابت أبو زيد العباداني، عن هلال بن خَبَّاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : " تحشرون حفاة عراة مشاة غُرلا " قال: فقالت زوجته: يا رسول الله، أوَ يرى (٢) بعضنا عورة بعض؟ قال: " (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) أو قال: "ما أشغله عن النظر".

وقد رواه النسائي منفردا به، عن أبي داود، عن عارم، عن ثابت بن يزيد-وهو أبو زيد الأحول البصري، أحد الثقات-عن هلال بن خَبَّاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به (٣) وقد رواه الترمذي عن عبد بن حُمَيد، عن محمد بن الفضل، عن ثابت بن يزيد، عن هلال ابن خَبَّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي قال: "تُحشَرون حُفاة عُرَاة غُرْلا". فقالت امرأة: أيبصر-أو: يرى-بعضنا عورة بعض؟ قال: "يا فلانة، (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (٤). ثم قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح، وقد روى من غير وجه عن ابن عباس، (٥).

وقال النسائي: أخبرني عمرو بن عثمان، حدثنا بَقِيَّة، حدثنا الزبيدي، أخبرني الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله قال: "يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غُرلا". فقالت عائشة: يا رسول الله، فكيف بالعورات؟ فقال: " (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (٦).

انفرد به النسائي من هذا الوجه.

ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أزهر بن حاتم، حدثنا الفضل بن موسى، عن عائد ابن شُرَيح، عن أنس بن مالك قال: سألت عائشة، ، رسول الله فقالت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إني سائلتك عن حديث فتخبرني أنتَ به. فقال: "إن كان عندي منه علم". قالت: يا نبي الله، كيف يُحشر الرجال؟ قال: "حفاة عراة". ثم انتظَرتْ ساعة فقالت: يا نبي الله، كيف يحشر النساء؟ قال: "كذلك حفاة عراة". قالت: واسوأتاه من يوم القيامة! قال: "وعن أي ذلك تسألين؟ إنه قد نزل علي آية لا يضرك كان عليك ثياب أو لا يكون".


(١) أحاديث الشفاعة سبقت عند تفسير أول سورة الإسراء.
(٢) في م: "يا رسول الله، ننظر أو يرى".
(٣) سنن النسائي الكبري برقم (١١٦٤٧).
(٤) سنن الترمذي برقم (٣٣٣٢).
(٥) في أ: "رضي الله تعالى عنهما".
(٦) سنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٤٨).