للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قالت: أيةُ آية هي يا نبي الله؟ قال: " (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (١).

وقال البغوي في تفسيره: أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشّريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرني الحسين بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا ابن أبي أويس، حدثنا أبي، عن محمد بن أبي عياش، عن عطاء بن يسار، عن سودة زوج النبي قالت: قال رسول الله : "يبعث الناس حفاة عراة غُرلا قد ألجمهم العرق، وبلغ شحوم الآذان". فقلت: يا رسول الله، واسوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض؟ فقال: "قد شُغل الناس، (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (٢).

هذا حديث غريب من هذا الوجه جدا، وهكذا رواه ابن جرير عن أبي عمار الحسين بن حريث المروزي، عن الفضل بن موسى، به (٣). ولكن قال أبو حاتم الرازي: عائذ بن شريح ضعيف، في حديثه ضعف (٤).

وقوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) أي: يكون الناس هنالك فريقين: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) أي: مستنيرة، (ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) أي: مسرورة فرحة من سرور قلوبهم، قد ظهر البشر على وجوههم، وهؤلاء أهل الجنة.

(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ) أي: يعلوها ويغشاها (٥) قترة، أي: سواد.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سهل بن عثمان العسكري، حدثنا أبو علي محمد مولى جعفر بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله : "يلجم الكافرَ العرقُ ثم تقع الغُبْرة على وجوههم". قال: فهو قوله: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ) (٦).

وقال ابن عباس: (تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ) أي: يغشاها سواد الوجوه.

وقوله: (أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) أي: الكفرة قلوبهم، الفجرة في أعمالهم، كما قال تعالى: ﴿وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: ٢٧].

آخر تفسير سورة "عبس" ولله الحمد والمنة.


(١) ورواه الطبري في تفسيره (٣٠/ ٣٩)، عن الحسين بن حريث عن الفضل بن موسى به.
(٢) معالم التنزيل للبغوي (٨/ ٣٤٠)، ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٥١٤) من طريق إسماعيل بن إسحاق، عن إسماعيل بن أبي أويس به نحوه. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ".
(٣) تفسير الطبري (٣٠/ ٣٩)
(٤) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٧/ ١٦).
(٥) في م: "تعلوها وتغشاها".
(٦) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٤٢٤)، وله شاهد من حديث ابن مسعود: رواه ابن حبان في صحيحه برقم (٢٥٨٢) "موارد" من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود مرفوعا: "إن الكافر ليلجمه العرق يوم القيامة فيقول: أرحنى ولو إلى النار".