للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عمر بن عبد العزيز: الكلام بذكر الله، ﷿، حَسَن، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة.

وقال مغيث الأسود: زوروا القبور كل يوم تفكركم، وشاهدوا الموقف بقلوبكم، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة أو النار، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها، وكان يبكي عند ذلك حتى يُرْفع صَريعا من بين أصحابه، قد ذهب عقله.

وقال عبد الله بن المبارك: مَرَّ رجل برَاهبٍ عند مَقْبَرة ومَزْبَلَة، فناداه فقال: يا راهب، إن عندك كَنزين من كنوز الدنيا لك فيهما مُعْتَبَر، كنز الرجال وكنز الأموال.

وعن ابن عمر: أنه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه، يأتي الخَرِبة فيقف على بابها، فينادي بصوت حزين فيقول: أين أهْلُك؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨].

وعن ابن عباس أنه قال: ركعتان مقتصدتان في تَفكُّر، خير من قيام ليلة والقلب ساه (١).

وقال الحسن: يا ابن آدم، كُلْ في ثلث بطنك، واشرب في ثلثه، ودع ثلثه الآخر تتنفَّس للفكرة.

وقال بعض الحكماء: من نظر إلى الدنيا بغير العبرة انطَمَسَ مِنْ بَصَرِ قلبه بقدر تلك الغَفْلَة.

وقال بِشْر بن الحارث الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى لما عصوه.

وقال الحسن، عن عامر بن عبد قيس قال: سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب النبي يقولون: إن ضياء الإيمان، أو نور الإيمان، التفكر.

وعن عيسى، ، أنه قال: يا ابن آدم الضعيف، اتق الله حيثما كنت، وكُنْ في الدنيا ضَيْفًا، واتَّخِذِ المساجدَ بيتا، وعَلِّم عينيك البكاء، وجَسَدك الصَّبْر، وقلبك الفِكْر، ولا تهتم برزق غد.

وعن أمير المؤمنين عُمَرَ بن عبد العزيز، ، أنه بكى يوما بين أصحابه، فسُئل عن ذلك، فقال: فَكَّرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها، فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تَنْقَضي حتى تكدرها مرارتُها، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر إن فيها مواعظ لمن ادّكر.

وقال ابن أبي الدنيا: أنشدني الحُسَين بن عبد الرحمن:

نزهَة المؤمن الفكَرْ … لذّة المؤمن العِبرْ

نحمدُ اللهَ وَحْدَه … نحْنُ كل عَلَى خَطَرْ

رُبّ لاهٍ وعُمْرُه … قد تَقَضّى وما شَعَرْ

رُبّ عيش قَدْ كَانَ فو … ق المُنَى مُونقَ الزَهَرْ

في خَرير (٢) من العيُو … ن وَظل من الشَّجَرْ

وسُرُور من النَّبا … ت وَطيب منَ الثَمَرْ

غَيَّرَتْه وَأهْلَهُ (٣) … سرعةُ الدّهْر بالغَيرْ


(١) في ر: "ساهي".
(٢) في ر: "جرير".
(٣) في ر: "وغيرت أهله".