للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْضًا (١) وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فَقَالَ: وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوان بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، فَذَكَرَهُ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ (٢) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ مُحَمَّدُ (٣) بْنُ الوَزَّان، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَيّان التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنْباع، عَنِ ابْنِ أَبِي الدِّهْقانة قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنْ هَاهُنَا غُلاما مِنْ أَهْلِ الحِيرة، حَافِظٌ كَاتِبٌ، فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ كَاتِبًا؟ فَقَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُ إِذًا بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ (٤) .

فَفِي هَذَا الْأَثَرِ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الذَّمَّة لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ، الَّتِي فِيهَا اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ واطِّلاع عَلَى دَوَاخل أمُورهم الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشوها إِلَى الْأَعْدَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} .

وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا هُشَيم، حَدَّثَنَا العَوَّام، عَنِ الْأَزْهَرِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: كَانُوا يَأْتُونَ أنَسًا، فَإِذَا حَدَّثهم بِحَدِيثٍ لَا يَدْرُونَ مَا هُوَ، أتَوا الْحَسَنَ -يَعْنِي الْبَصْرِيَّ-فَيُفَسِّرُهُ (٥) لَهُمْ. قَالَ: فحدَّث ذَاتَ يَوْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا (٦) فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ، فَأَتَوُا الْحَسَنَ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ أَنَسًا حَدّثنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (٧) صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ (٨) وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا (٩) فَقَالَ الْحَسَنُ: أَمَّا قَوْلُهُ: "وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا (١٠) : مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما قوله: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ" يَقُولُ: لَا تَسْتَشِيرُوا الْمُشْرِكِينَ فِي أُمُورِكُمْ. ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ: تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} .

هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ (١١) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ هُشَيْمٍ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ هُشَيم بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ تَفْسِيرِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ (١٢) .

وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ: "لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيّا (١٣) أَيْ: بِخَطٍّ عَرَبِيٍّ، لِئَلَّا يُشَابِهَ نَقْشَ خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ نَقْشُه مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ؛ وَلِهَذَا جاء في الحديث الصحيح أنه


(١) النسائي في السنن الكبرى برقم (٨٧٥٦) من طريق معاوية بن سلام عن الزهري به.
(٢) صحيح البخاري برقم (٧١٩٨) ورواه النسائي في السنن الكبرى برقم (٨٧٥٧) .
(٣) في أ، و: "بن محمد".
(٤) تفسير ابن أبي حاتم (٢/٥٥٠) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (٨/٦٥٨) من طريق أبي حيان التيمي به ورواه عبد بن حميد في تفسيره كما في الدر (٢/٣٠٠) .
(٥) في جـ: "ليفسره".
(٦) في ر: "غريبا".
(٧) في أ، و: "إن أنسا حدثنا بحديث ما ندري ما هو قال: وما حدثكم أنس، قالوا: حدثنا أن رسول الله".
(٨) في أ: "المشركين".
(٩) في ر: "غريبا".
(١٠) في ر: "غريبا".
(١١) في أ: "قد".
(١٢) رواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٩٣٧٥) والطبري في تفسيره (٧/١٤٢) من طريق هشيم بسياق أبي يعلى به، ورواه أحمد في مسنده (٣/٩٩) والنسائي في السنن (٨/١٧٦) من غير ذكر تفسير الحسن البصري.
(١٣) في ر: "غريبا".

<<  <  ج: ص:  >  >>