للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله : "إن فَصْل (١) ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السَّحَر (٢) " (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى (٤) هو ابن الطباع، حدثنا عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : "السَّحور أكْلُهُ بركة؛ فلا تدعوه، ولو أنّ أحدكم يَجْرَع جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين" (٥).

وقد ورد في الترغيب في السحور أحاديث كثيرة حتى ولو بجرعة من ماء، تشبهًا (٦) بالآكلين. ويستحب تأخيره إلى قريب انفجار الفجر، كما جاء في الصحيحين، عن أنس بن مالك، عن زيد بن ثابت، قال: تسحرنا مع رسول الله ، ثم قمنا إلى الصلاة. قال أنس: قلت لزيد: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية (٧).

وقال الإمام أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لَهِيعة، عن سالم بن غيلان، عن سليمان (٨) بن أبي عثمان، عن عَديّ بن حاتم الحمصي، عن أبي ذَرّ قال: قال رسول الله : "لا تزال أمتي بخير ما عَجَّلوا الإفطار وأخَّروا السحور" (٩). وقد ورد في أحاديث كثيرة أن رسول الله سمَّاه الغَدَاء المبارك، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجه من رواية حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان قال: تسحَّرْنا مع رسول الله ، وكان النهار إلا أن الشمس لم تطلع (١٠). وهو حديث تفرد به عاصم بن أبي النَّجُود، قاله النسائي، وحمله على أن المراد قربُ النهار، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق: ٢] أي: قاربن انقضاء العدة، فإما إمساك (١١) أو تَرْك للفرَاق. وهذا الذي قاله هو المتعيَّن حملُ الحديث عليه: أنهم تسحروا ولم يتيقنوا طلوع الفجر، حتى أن بعضهم ظن طلوعه وبعضهم لم يتحقق ذلك. وقد رُوي عن طائفة كثيرة من السلف أنَّهم تسامحوا (١٢) في السحور عند مقاربة الفجر. روي مثل هذا عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وحذيفة، وأبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وزيد بن ثابت وعن طائفة كثيرة من التابعين، منهم: محمد بن علي بن الحسين، وأبو مِجْلز، وإبراهيم النَّخَعَي، وأبو الضُّحَى، وأبو وائل، وغيره (١٣) من أصحاب ابن مسعود وعطاء، والحسن، والحكم بن عيينة (١٤) ومجاهد، وعروة بن الزبير، وأبو الشعثاء جابر بن زيد. وإليه ذهب الأعمش معمر (١٥) بن راشد. وقد حررنا أسانيد ذلك في كتاب


(١) في أ: "إن أفضل".
(٢) في أ: "السحور".
(٣) صحيح مسلم برقم (١٠٩٦).
(٤) في جـ: "بن إسحاق".
(٥) المسند (٣/ ٤٤).
(٦) في أ: "تشبيها".
(٧) صحيح البخاري برقم (١٩٢١) وصحيح مسلم برقم (١٠٩٧).
(٨) في جـ: "عن سلمان".
(٩) المسند (٥/ ١٧٢).
(١٠) المسند (٥/ ٣٩٦) وسنن النسائي (٤/ ١٤٢) وسنن ابن ماجة برقم (١٦٩٥).
(١١) في جـ: "إمساك بمعروف".
(١٢) في أ: "أنهم سامحوا".
(١٣) في أ: "وغيرهما".
(١٤) في جـ: "ابن قتيبة"، وفي و: "ابن عتيبة".
(١٥) في جـ، أ: "ومعمر".