للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غروبها فافعلوا" (١) وفي الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله : "جَنَّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فِضَّة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله إلا رِدَاء الكبرياء على وجهه في جنة عدن". (٢) وفي أفراد مسلم، عن صهيب، عن النبي قال: "إذا دخل أهلُ الجنة الجنة" قال: "يقول الله تعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تُبَيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ " قال: "فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم، وهي الزيادة". ثم تلا هذه الآية: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]. (٣)

وفي أفراد مسلم، عن جابر في حديثه: "إن الله يَتَجلَّى للمؤمنين يضحك" (٤) -يعني في عرصات القيامة-ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون (٥) إلى ربهم ﷿ في العرصات، وفي روضات الجنات.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا عبد الملك بن أبجر، حدثنا ثُوَير (٦) بن أبي فاختة، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : "إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، ينظر إلى أزواجه وخدمه. وإن أفضلهم منزلة لينظر في وجه الله كل يوم مرتين". (٧)

ورواه الترمذي عن عبد بن حميد، عن شَبابة، عن إسرائيل، عن ثُوَير قال: "سمعت ابن عمر .. ". فذكره، قال: "ورواه عبد الملك بن أبجر، عن ثُوَير، عن مجاهد، عن ابن عمر، قوله". وكذلك رواه الثوري، عن ثُوَير، عن مجاهد، عن ابن عمر، لم يرفعه (٨) ولولا خشية الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد والسنن، ولكن ذكرنا ذلك مفرقا في مَواضِعَ من هذا التفسير، وبالله التوفيق (٩). وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام. وهُدَاة الأنام.

ومن تأول ذلك بأن المراد بـ (إِلَى) مفرد الآلاء، وهي النعم، كما قال الثوري، عن منصور، عن مجاهد: (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) فقال تنتظر الثواب من ربها. رواه ابن جرير من غير وجه عن مجاهد. وكذا قال أبو صالح أيضا -فقد أبعد هذا القائل (١٠) النجعة، وأبطل فيما ذهب إليه. وأين هو من قوله تعالى: ﴿كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾؟ [المطففين: ١٥]، قال الشافعي، : ما حَجَب الفجار إلا وقد عَلم أن الأبرار يرونه ﷿. ثم قد تواترت الأخبار عن رسول الله بما دل عليه سياق الآية الكريمة، وهي قوله: (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال ابن جرير:


(١) صحيح البخاري برقم (٧٤٣٤، ٧٤٣٦)، وصحيح مسلم برقم (٦٣٣).
(٢) صحيح البخاري برقم (٧٤٤٤)، وصحيح مسلم برقم (١٨٠).
(٣) صحيح مسلم برقم (١٨١).
(٤) صحيح مسلم برقم (١٩١).
(٥) في م: "ينظروا".
(٦) في م، أ: "حدثنا يزيد.
(٧) المسند (٢/ ١٣).
(٨) سنن الترمذي برقم (٣٣٣٠).
(٩) وانظر: كتاب النهاية في الفتن والملاحم للحافظ ابن كثير (٢/ ٣٠٠) فقد أطال في ذكر أحاديث الرؤية.
(١٠) في م: "الناظر".