للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْبَعٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُتْرَكن (١) الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ، وَالنَّائِحَةُ (٢) إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، ودرْع مِنْ جَرَب". انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ (٣) .

وَفِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ، تُوقَفُ فِي طَرِيقٍ (٤) بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَسَرَابِيلُهَا مِنْ قَطِرَانٍ، وَتَغْشَى وَجْهَهَا النَّارُ" (٥) .

وَقَوْلُهُ: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ} أَيْ: يَوْمَ (٦) الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النَّجْمِ: ٣١] .

{إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ (٧) تَعَالَى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي حَالِ مُحَاسَبَتِهِ (٨) لِعَبْدِهِ سَرِيعُ النَّجاز؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَإِنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ (٩) بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدْرَتِهِ كَالْوَاحِدِ مِنْهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لُقْمَانَ: ٢٨] ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ: {سَرِيعُ الْحِسَابِ} [إِحْصَاءً] (١٠) .

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَيَانِ مُرَادَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

{هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ (٥٢) }

يَقُولُ تَعَالَى: هَذَا الْقُرْآنُ بَلَاغٌ لِلنَّاسِ، كَقَوْلِهِ: {لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الْأَنْعَامِ: ١٩] ، أَيْ: هُوَ بَلَاغٌ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ مِنْ إِنْسٍ وَجَانٍّ، كَمَا قَالَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: {الر كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}

{وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} أَيْ: لِيَتَّعِظُوا (١١) بِهِ، {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أَيْ: يَسْتَدِلُّوا بِمَا فِيهِ مِنَ الْحُجَجِ وَالدَّلَالَاتِ عَلَى أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ (١٢) {وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ} أَيْ: ذَوُو الْعُقُولِ.


(١) في ت: "لا بد لهن"، وفي أ: "لا يزكهن".
(٢) في أ: "والنابحة".
(٣) المسند (٥/٣٤٢) وصحيح مسلم برقم (٩٣٤) .
(٤) في ت: "الطريق".
(٥) رواه الطبراني في المعجم الكبير (٨/٢٣٨) مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يزيد، عن القاسم، وكلهم ضعفاء - عن أبي أمامة به. وقد قال ابن حبان: "إذا جاء الحديث مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يزيد، عن القاسم، فهو مما صنعته أيديهم".
(٦) في ت، أ: "أي يقسم يوم".
(٧) في ت: "قوله".
(٨) في ت: "محسباته".
(٩) في ت: "الخلائق".
(١٠) زيادة من ت، أ.
(١١) في ت، أ: "يتعظوا".
(١٢) في ت، أ: "إلا الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>