للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى قومه، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، أتيمم بالصعيد، وأصلي حيث أدركتني الصلاة، قال الله: (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى) وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي" -فهو حديث ضعيف الإسناد، وتفسير الآية بالقيام في الصلاة في جماعة وفرادى بعيد، ولعله مقحم في الحديث من بعض الرواة، فإن أصله ثابت في الصحاح وغيرها (١) والله أعلم.

وقوله: (إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ): قال (٢) البخاري عندها:

حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا محمد بن خَازم، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرَّة، عن سعيد بن جُبَيْر (٣)، عن ابن عباس قال: صَعدَ النبي الصفا ذات يوم، فقال: "يا صباحاه". فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: ما لك؟ فقال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يُصَبّحكم أو يُمَسّيكم، أما كنتم تصدقوني؟ " قالوا: بلى. قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: تبا لك! ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد]. (٤)

وقد تقدم عند قوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤].

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم، حدثنا بشير بن المهاجر، حدثني عبد الله بن بريدة، (٥) عن أبيه قال: خرج إلينا رسول الله يوما فنادى ثلاث مرات فقال: "أيها الناس، أتدرون ما مثلي ومثلكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "إنما مثلي ومثلكم مثلُ قوم خافوا عدوا يأتيهم، فبعثوا رجلا يتراءى لهم، فبينما هو كذلك أبصر العدو، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه، فأهوى بثوبه: أيها الناس، أوتيتم. أيها الناس، أوتيتم -ثلاث مرات".

وبهذا الإسناد (٦) قال رسول الله : "بعثت أنا والساعة جميعًا، إن كادت لتسبقني". تفرد به الإمام أحمد في مسنده. (٧)

﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ (٤٨)﴾.

يقول تعالى آمرًا رسوله أن يقول للمشركين: (مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) أي: لا أريد منكم جُعلا ولا عَطاء على أداء رسالة الله إليكم، ونصحي إياكم، وأمركم بعبادة الله، (إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ) أي: إنما أطلب ثواب ذلك من عند الله (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي: عالم بجميع الأمور، بما أنا عليه من إخباري عنه بإرساله إياي إليكم، وما أنتم عليه.

وقوله: (


(١) سبق تخريج حديث جابر، ، في الصحيحين عند تفسير الآية: ٢٨ من هذه السورة.
(٢) في ت: "روى".
(٣) في ت: "بإسناده".
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٨٠١).
(٥) في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده عن عبد الله بن زيد".
(٦) في ت "وبإسناده".
(٧) المسند (٥/ ٣٤٨).