للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: تعودوا إلى ما كنتم فيه من الجاهلية الجهلاء، تسفكون الدماء وتقطعون الأرحام؛ ولهذا قال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموما، وعن قطع الأرحام خصوصا، بل قد أمر [الله] (١) تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام، وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال. وقد وردت الأحاديث الصحاح والحسان بذلك عن رسول الله ، من طرق عديدة، ووجوه كثيرة.

قال البخاري: حدثنا خالد بن مَخْلَد، حدثنا سليمان، حدثني معاوية بن أبي مُزَرّد، عن سعيد بن يسار (٢)، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن ﷿، فقال: مه! فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. فقال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذاك (٣). قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) (٤).

ثم رواه البخاري من طريقين آخرين، عن معاوية بن أبي مزرد، به. قال رسول الله : "اقرؤوا إن شئتم: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) (٥) ورواه مسلم من حديث معاوية بن أبي مزرد، به (٦).

وقال (٧) الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل أخبرنا عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، عن أبيه، عن أبي بكرة قال: قال رسول الله : "ما من ذنب أحرى أن يعجل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم".

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، من حديث إسماعيل -هو ابن عُلَية-به (٨). وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.

وقال (٩) الإمام أحمد: حدثنا محمد بن بكر، حدثنا ميمون أبو محمد المرئي، حدثنا محمد بن عباد المخزومي، عن ثوبان، عن رسول الله قال: "من سره النِّساء في الأجل، والزيادة في الرزق، فليصل رحمه" (١٠). تفرد به أحمد، وله شاهد في الصحيح.


(١) زيادة من ت، م، أ.
(٢) في ت: "فروى البخاري بسنده".
(٣) في أ: "فذلك لك".
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٨٣٠).
(٥) صحيح البخاري برقم (٤٨٣١، ٤٨٣٢) لكن زاد أبو الحباب بين معاوية وسعيد بن يسار.
(٦) صحيح مسلم برقم (٢٥٥٤) من طريق معاوية بن أبي مزرد عن عمه أبي الحباب عن سعيد بن يسار به.
(٧) في ت: "وروى".
(٨) المسند (٥/ ٣٨) وسنن أبي داود برقم (٤٩٠٢) وسنن الترمذي برقم (٢٥١١) وسنن ابن ماجه برقم (٤٢١١).
(٩) في ت: "وروى".
(١٠) المسند (٥/ ٢٧٩) وشاهده حديث أنس بن مالك مرفوعا: "من سره أن يبسط عليه رزقه، أو ينسأ في أثره فليصل رحمه". رواه البخاري في صحيحه برقم (٥٩٨٦) ومسلم في صحيحه برقم (٢٥٥٧) واللفظ لمسلم.