للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأرضيهم، فلما رأوا النبي ولوا (١) مدبرين، فقال نبي الله : " الله أكبر، الله أكبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" (٢) لم يخرجوه من هذا الوجه، وهو صحيح على شرط الشيخين.

وقوله: (وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ * وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك.

﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٨٢)

ينزه تعالى نفسه الكريمة ويقدسها ويبرئها عما يقوله الظالمون المكذبون المعتدون -تعالى وتقدس عن قولهم علوا كبيرا-ولهذا قال: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ)، أي: ذي العزة التي لا ترام، (عَمَّا يَصِفُونَ) أي: عن قول هؤلاء المعتدين المفترين.

(وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) أي: سلام الله عليهم في الدنيا والآخرة؛ لسلامة ما قالوه في ربهم، وصحته وحقيته (٣).

(وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أي: له الحمد في الأولى والآخرة في كل حال. ولما كان التسبيح يتضمن التنزيه والتبرئة (٤) من النقص بدلالة المطابقة، ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص -قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن؛ ولهذا قال: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

وقال سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة قال: قال رسول الله : "إذا سلمتم عليَّ فسلموا على المرسلين، فإنما أنا رسول من المرسلين". هكذا رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث سعيد، عنه كذلك (٥).

وقد أسنده ابن أبي حاتم، ، فقال: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا أبو بكر الأعين، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة قالا حدثنا حسين بن محمد، حدثنا شيبان، عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك، عن أبي طلحة قال: قال رسول الله : "إذا سلمتم عليّ فسلموا على المرسلين" (٦).

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا نوح، حدثنا أبو هارون، عن أبي سعيد، عن رسول الله أنه كان إذا سلم (٧) قال: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)


(١) في س، أ: "نكصوا".
(٢) المسند (٢/ ٢٨)
(٣) في أ: "وحقيقته"
(٤) في أ: "والتنزيه"
(٥) تفسير الطبري (٢٣/ ٧٤).
(٦) ورواه ابن مردويه وابن سعد كما في الدر المنثور (٧/ ١٤٠) من طريق سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة به مرفوعا.
(٧) في س، أ: "إذا أراد أن يسلم".