للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ﴾ قلت: يا أبا سعيد، قال الله: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)؟ قال: نعم، ولو خمس آيات.

وهذا ظاهر من مذهب الحسن البصري: أنه كان يرى حقًا واجبًا على حَمَلة القرآن أن يقوموا ولو بشيء منه في الليل؛ ولهذا جاء في الحديث: أن رسول الله سئل عن رجل نام حتى أصبح، فقال: "ذاك رجل بال الشيطان في أذنه". (١) فقيل معناه: نام عن المكتوبة. وقيل: عن قيام الليل. وفي السنن: "أوتِرُوا يا أهل القرآن." (٢) وفي الحديث الآخر: "من لم يوتر فليس منا". (٣)

وأغرب من هذا ما حكي عن أبي بكر عبد العزيز، من الحنابلة، من إيجابه قيام شهر رمضان، فالله أعلم.

وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن سعيد بن فرقد الجُدّي، حدثنا أبو [حمة] (٤) محمد بن يوسف الزبيدي، حدثنا عبد الرحمن، [عن محمد بن عبد الله] (٥) بن طاوس -من ولد طاوس-عن أبيه، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي : (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) قال: "مائة آية". (٦)

وهذا حديث غريب جدًا لم أره إلا في معجم الطبراني، .

وقوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) أي: أقيموا صلاتكم الواجبة عليكم، وآتوا الزكاة المفروضة. وهذا يدل لمن قال: إن فرض الزكاة نزل بمكة، لكن مقادير النّصب والمَخْرَج لم تُبَين إلا بالمدينة. والله أعلم.

وقد قال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وغير واحد من السلف: إن هذه الآية نَسَخت الذي كان الله قد أوجبه على المسلمين أولا من قيام الليل. واختلفوا في المدة التي بينهما على أقوال كما تقدم. وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال لذلك الرجل: "خمس صلوات في اليوم والليلة". قال: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا إلا أن تَطوّع". (٧)

وقوله تعالى: (وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) يعني: من الصدقات، فإن الله يجازي على ذلك أحسن الجزاء وأوفره، كما قال: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥].


(١) رواه البخاري في صحيحه برقم (١١٤٤)، ومسلم في صحيحه برقم (٧٧٤) من حديث عبد الله بن مسعود .
(٢) جاء من حديث علي وعبد الله بن مسعود، ، أما حديث علي، فقد رواه أبو داود في السنن برقم (١٤١٦)، والترمذي في السنن برقم (٤٥٣)، والنسائي في السنن (٣/ ٢٢٨)، وابن ماجة في السنن برقم (١١٦٩)، وقال الترمذي: "حديث علي حديث حسن"، وأما حديث ابن مسعود، فرواه أبو داود في السنن برقم (١٤١٧)، وابن ماجة برقم (١١٧٠).
(٣) جاء من حديث بريدة وأبي هريرة، ، أما حديث بريدة، فرواه أحمد في المسند (٥/ ٣٥٧)، وأبو داود في السنن برقم (١٤١٩)، وأما حديث أبي هريرة، فرواه أحمد في المسند (٣/ ٤٤٣).
(٤) زيادة من المعجم الكبير للطبراني (١١/ ٢٩).
(٥) زيادة من م، أ.
(٦) المعجم الكبير (١١/ ٢٩).
(٧) صحيح البخاري برقم (٤٦)، وصحيح مسلم برقم (١١) من حديث طلحة .