للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس، وهو قول الجمهور.

وقال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران (١) عن ابن عباس: الأسد، بالعربية، ويقال له بالحبشية: قسورة، وبالفارسية: شير (٢) وبالنبطية: أويا.

(بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً) أي: بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتابًا كما أنزل على النبي. قاله مجاهد وغيره، كقوله: ﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤]، وفي رواية عن قتادة: يريدون أن يؤتوا براءة بغير عمل.

فقوله: (كَلا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ) أي: إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها، وتكذيبهم بوقوعها.

ثم قال تعالى: (كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) أي: حقا إن القرآن تذكرة،

(فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّه) كقوله ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ﴾ [الإنسان: ٣٠].

وقوله: (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) أي: هو أهل أن يُخاف منه، وهو أهل أن يَغفر ذنب من تاب إليه وأناب. قاله قتادة.

وقال الإمام أحمد: حدثنا زيد (٣) بن الحباب، أخبرني سهيل -أخو حزم (٤) -حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قرأ رسول الله هذه الآية: (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) وقال: "قال ربكم: أنا أهل أن أتقى، فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلها كان أهلا أن أغفر له".

ورواه الترمذي، وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب، والنسائي من حديث المعافي بن عمران كلاهما عن سُهَيل بن عبد الله القطعي، به (٥) وقال الترمذي: حسن غريب، وسهيل ليس بالقوي. ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن هُدْبَة بن خالد، عن سُهَيل، به. وهكذا رواه أبو يعلى، والبَزار، والبَغَوي، وغيرهم، من حديث سُهَيل القُطَعي، به. (٦)

آخر تفسير سوره "المدثر" ولله الحمد والمنة

[وحسبنا الله ونعم الوكيل] (٧)


(١) في أ: "يوسف بن ماهك".
(٢) في أ: "بتار".
(٣) في أ: "حدثنا يزيد".
(٤) في م: "أخو حمزة".
(٥) المسند (٣/ ١٤٢)، وسنن الترمذي برقم (٣٣٢٨)، وسنن ابن ماجة برقم (٤٢٩٩)، وتفسير النسائي (٢/ ٤٧٥).
(٦) مسند أبي يعلى (٦/ ٦٦)، ومعالم التنزيل للبغوي (٨/ ٢٧٦).
(٧) زيادة من م.