للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: بل لا يعرف عن السلف والأئمة سواه، والله أعلم.

وقوله: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) أي: جمعت. كما قال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: ٣٨]. قال ابن عباس: يحشر كل شيء حتى الذباب. رواه ابن أبي حاتم. وكذا قال الربيع بن خُثَيم (١) والسّديّ، وغير واحد. وكذا قال قتادة في تفسير هذه الآية: إن هذه الخلائق [موافية] (٢) فيقضي الله فيها ما يشاء.

وقال عكرمة: حشرها: موتها.

وقال ابن جرير: حدثني علي بن مسلم الطوسي، حدثنا عباد بن العوام، أخبرنا حُصَين، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) قال: حَشرُ البهائم: موتها، وحشر كل شيء الموت غيره (٣) الجن والإنس، فإنهما يوقفان يوم القيامة.

حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا وَكِيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خُثَيم (٤): (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) قال: أتى عليها أمر الله. قال سفيان: قال أبي: فذكرته لعكرمة، فقال: قال ابن عباس: حشرها: موتها.

وقد تقدم عن أبيّّ بن كعب أنه قال: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) اختلطت.

قال ابن جرير: والأولى قَولُ من قال: (حُشِرَت) جُمعت، قال الله تعالى: ﴿وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً﴾ [ص: ١٩]، أي: مجموعة.

وقوله: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) قال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن عُلَية، عن داود، عن سعيد بن المسيب قال: قال علي، ، لرجل من اليهود: أين جهنم؟ قال: البحر. فقال: ما أراه إلا صادقا. ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ [الطور: ٦]، (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) [مخففة] (٥) (٦).

وقال ابن عباس وغير واحد: يرسل الله عليها الدّبور فتسعرها، وتصير نارًا تأجج، وقد تقدم الكلام على ذلك عند قوله: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾

وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا أبو طاهر، حدثني عبد الجبار بن سليمان أبو سليمان النفاط-شيخٌ صَالِح يُشبهُ مالكَ بن أنس-عن معاوية بن سعيد قال: إن هذا البحر بركة-يعني بحر الرُّوم-وسط الأرض، والأنهار كلها تصب فيه، والبحر الكبير يصب فيه، وأسفله آبار مطبقة بالنحاس، فإذا كان يوم القيامة أسجر.


(١) في أ: "خيثم".
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) في م: "غير".
(٤) في أ: "خيثم".
(٥) زيادة من تفسير الطبري.
(٦) تفسير الطبري (٣٠/ ٤٣).