للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) يعني: لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، ويحث بعضهم على بعض في ذلك، (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ) يعني: الميراث (أَكْلا لَمًّا) أي: من أي جهة حصل لهم، من حلال أو حرام، (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) أي: كثيرا -زاد بعضهم: فاحشا.

﴿كَلا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣)

يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة، فقال: (كَلا) أي: حقا (إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا) أي: وطئت ومهدت وسويت الأرض والجبال، وقام الخلائق من قبورهم لربهم، (وَجَاءَ رَبُّكَ) يعني: لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون (١) إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد ، بعدما يسألون أولي العزم من الرسل واحدًا بعد واحد، فكلهم يقول: لست بصاحب ذاكم، حتى تنتهي النوبة إلى محمد (٢) فيقول: "أنا لها، أنا لها". فيذهب فيشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء فيشفعه الله في ذلك، وهي أول الشفاعات، وهي المقام المحمود كما تقدم بيانه في سورة "سبحان" (٣) فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا.

وقوله: (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) قال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثنا عمر بن حفص بن (٤) غياث، حدثنا أبي، عن العلاء بن خالد الكاهلي، عن شقيق، عن عبد الله -هو ابن مسعود-قال: قال رسول الله : "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف مَلَك يجرونها".

وهكذا رواه الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن عمر بن حفص، به (٥) ورواه أيضا عن عبد بن حُمَيد، عن أبي عامر، عن سفيان الثوري، عن العلاء بن خالد، عن شقيق ابن سلمة -وهو أبو وائل-عن عبد الله بن مسعود، قوله ولم يرفعه (٦) وكذا رواه ابن جرير، عن الحسن بن عرفة، عن مَروان بن معاوية الفزاري، عن العلاء بن خالد، عن شقيق، عن عبد الله، قوله (٧).


(١) في أ: "يشفعون".
(٢) في م: "صلوات الله وسلامه عليه".
(٣) عند تفسير الآية: ٧٩.
(٤) في أ: "نبأنا".
(٥) صحيح مسلم برقم (٢٨٤٢) وسنن الترمذي برقم (٢٥٧٣).
(٦) سنن الترمذي برقم (٢٥٧٣).
(٧) تفسير الطبري (٣٠/ ١٢٠).