للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سعيد بن جبير: ألهمها الخير والشر. وقال ابن زيد: جعل فيها فجورها وتقواها.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا صفوان بن عيسى وأبو عاصم النبيل قالا حدثنا عَزْرَة بن ثابت، حدثني يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يَعْمَر، عن أبي الأسود الدّيلي (١) قال: قال لي عمران بن حصين: أرأيت ما يعمل فيه الناس ويتكادحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قَدَر قد سبق، أو فيما يُستَقبَلُون مما أتاهم به نبيهم ، وأكدت عليهم الحجة؟ قلت: بل شيء قضي (٢) عليهم. قال: فهل يكون ذلك ظلمًا؟ قال: ففزعت منه فزعًا شديدًا، قال: قلت له: ليس شيء إلا وهو خَلقُه وملْك يَده، لا يسألُ عما يفعل وهم يسألون. قال: سددك الله، إنما سألت لأخبر (٣) عقلك، إن رجلا من مُزَينة -أو جهينة-أتى رسول الله فقال: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قَدر قد سبق، أم شيء مما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم، وأكدت به عليهم الحجة؟ قال: "بل شيء قد قضي (٤) عليهم". قال: ففيم نعمل؟ قال: "من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين يُهَيِّئه لها، وتصديق ذلك في كتاب الله: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) "

رواه أحمد ومسلم، من حديث عَزْرَة بن ثابت به (٥).

وقوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) يحتمل أن يكون المعنى: قد أفلح من زكى نفسه، أي: بطاعة الله -كما قال قتادة-وطهرها من الأخلاق الدنيئة والرذائل. ويُروَى نحوه عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير. وكقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٤، ١٥].

(وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) أي: دسسها، أي: أخملها ووضع منها بخذلانه إياها عن الهُدَى، حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله ﷿.

وقد يحتمل أن يكون المعنى: قد أفلح من زكى الله نفسه، وقد خاب من دَسَّى الله نفسه، كما قال (٦) العوفي وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي وأبو زُرْعَة قالا حدثنا سهل (٧) بن عثمان، حدثنا أبو مالك -يعني عمرو بن هشام-عن جُوَيبر، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله يقول في قول الله: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) قال النبي : "أفلحت نفس زكاها الله" (٨).

ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي مالك، به. وجويبر [هذا] (٩) هو ابن سعيد، متروك الحديث، والضحاك لم يلق ابن عباس.


(١) في أ: "الديلمي".
(٢) في أ: "شيء قد قضي".
(٣) في م: "إنما سألتك لأختبر".
(٤) في م: "قضى الله".
(٥) تفسير الطبري (٣٠/ ١٣٥) والمسند (٤/ ٤٣٨) وصحيح مسلم برقم (٢٦٥٠).
(٦) في م: "كما قاله".
(٧) في أ: "سهيل".
(٨) ورواه الديلمي في مسند الفردوس برقم (٤٦٠٠) من طريق جويبر به.
(٩) زيادة من م.