للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَطَيْرًا فِيهِ سَبْعُونَ أَلْفَ رِيشَةٍ، فَيَقَعُ عَلَى صَحْفَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَنْتَفِضُ، فَيُخْرِجُ مَنْ كُلِّ رِيشَةٍ -يَعْنِي: لَوْنًا-أَبْيَضَ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ، وَأَعْذَبَ مِنَ الشَّهْدِ، لَيْسَ مِنْهَا لَوْنٌ يُشْبِهُ صَاحِبَهُ (١) ثُمَّ يَطِيرُ" (٢) .

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، والوَصَّافي وَشَيْخُهُ ضَعِيفَانِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:

حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ -كَاتِبُ اللَّيْثِ-حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: إِنَّ طَائِرَ الْجَنَّةِ أَمْثَالُ الْبُخْتِ، يَأْكُلُ (٣) مِمَّا خُلِقَ مِنْ ثَمَرَاتِ الْجَنَّةِ، وَيَشْرَبُ (٤) مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، فَيَصْطَفِفْنَ لَهُ، فَإِذَا اشْتَهَى مِنْهَا شَيْئًا أَتَاهُ حَتَّى يَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَأْكُلُ مِنْ خَارِجِهِ وَدَاخِلِهِ ثُمَّ يَطِيرُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ. صَحِيحٌ إِلَى كَعْبٍ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ لَتَنْظُرُ إِلَى الطَّيْرِ فِي الْجَنَّةِ فَتَشْتَهِيهِ فَيَخِرُّ بَيْنَ يَدَيْكَ مَشْوِيًّا" (٥) .

وَقَوْلُهُ: {وَحُورٌ عِينٌ. كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} قَرَأَ بَعْضُهُمْ بِالرَّفْعِ، وَتَقْدِيرُهُ: وَلَهُمْ فِيهَا حُورٌ عِينٌ. وَقِرَاءَةُ الْجَرِّ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْإِعْرَابُ عَلَى الْإِتْبَاعِ بِمَا قَبْلَهُ؛ لِقَوْلِهِ: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ. بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ. لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزفُونَ. وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ. وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ. وَحُورٌ عِينٌ} ، كَمَا قَالَ {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [الْمَائِدَةِ: ٦] ، وَكَمَا قَالَ: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ} [الْإِنْسَانِ:٢١] . وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَطُوفُ بِهِ الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ عَلَيْهِمُ الْحُورُ الْعِينُ، وَلَكِنْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْقُصُورِ، لَا بَيْنَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، بَلْ فِي الْخِيَامِ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْخُدَّامُ بِالْحُورِ الْعِينِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} أَيْ: كَأَنَّهُنَّ اللُّؤْلُؤُ الرَّطْبُ فِي بَيَاضِهِ وَصَفَائِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي "سُورَةِ الصَّافَّاتِ" {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصَّافَّاتِ: ٤٩] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ "الرَّحْمَنِ" وَصْفُهُنَّ أَيْضًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أَيْ: هَذَا الَّذِي أَتْحَفْنَاهُمْ بِهِ مُجَازَاةً لَهُمْ عَلَى مَا أَحْسَنُوا مِنَ الْعَمَلِ.

ثُمَّ قَالَ: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا. إِلا قِيلا سَلامًا سَلامًا} أَيْ: لَا يَسْمَعُونَ فِي الْجَنَّةِ كَلَامًا لَاغِيًا، أَيْ: غَثًّا (٦) خَالِيًا عَنِ الْمَعْنَى، أَوْ مُشْتَمِلًا عَلَى مَعْنًى حَقِيرٍ أَوْ ضَعِيفٍ، كَمَا قَالَ: {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً} [الْغَاشِيَةِ:١١]


(١) في أ: "الآخر".
(٢) ورواه هناد في الزهد برقم (١١٩) حدثنا أبو معاوية به.
(٣) في م: "يأكلن".
(٤) في م: "يشربن".
(٥) جزء الحسن بن عرفة برقم (٢٢) وحميد الأعرج منكر الحديث.
(٦) في م: "عبثا".

<<  <  ج: ص:  >  >>