للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضا: حدثنا عقبة بن مُكَرَّم العَمّي البصري، حدثني ابن أبي فُدَيْك، أخبرني سلمة بن وردان، عن أنس بن مالك: أن رسول الله قال لرجل من أصحابه: "هل تزوجت يا فلان؟ " قال: لا والله يا رسول الله، ولا عندي ما أتزوج؟! قال: "أليس معك " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "؟ ". قال: بلى. قال: "ثلث القرآن". قال: "أليس معك " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ "؟ ". قال: بلى. قال: "ربع القرآن". قال: "أليس معك " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ "؟ ". قال: بلى. قال: "ربع القرآن". قال: "أليس معك " إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ "؟ ". قال: بلى. قال: "ربع القرآن" تزوج، [تزوج] (١). ثم قال: هذا حديث حسن (٢).

تفرد بهن ثلاثتهن الترمذي، لم يروهن غيره من أصحاب الكتب.

﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢) وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)

قال ابن عباس: (إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا) أي: تحركت من أسفلها. (وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا) يعني: ألقت ما فيها من الموتى. قاله غير واحد من السلف. وهذه كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: ١] وكقوله ﴿وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ [الانشقاق: ٣، ٤].

وقال مسلم في صحيحه: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فُضَيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هُرَيرة قال: قال رسول الله : "تَقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قَتَلْتُ، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قَطَعتُ رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطِعت يدي، ثم يَدَعُونه فلا يأخذون منه شيئا" (٣).

وقوله: (وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا) أي: استنكر أمرها بعد ما كانت قارة ساكنة ثابتة، وهو مستقر على ظهرها، أي: تقلبت الحال، فصارت متحركة مضطربة، قد جاءها من أمر الله ما قد أعد لها من الزلزال الذي لا محيد لها عنه، ثم ألقت ما في بطنها من الأموات من الأولين والآخرين، وحينئذ استنكر الناس أمرها وتبدلت الأرض غير الأرض والسماوات، وبرزوا لله الواحد القهار.

وقوله: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) أي: تحدث بما عمل العاملون على ظهرها.


(١) زيادة من سنن الترمذي.
(٢) سنن الترمذي برقم (٢٨٩٥).
(٣) صحيح مسلم برقم (١٠١٣).