للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن المبارك -وقال الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي، واللفظ له: حدثنا سُوَيد بن نصر، أخبرنا عبد الله -هو ابن المبارك-عن سعيد بن أبي أيوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيد المقْبُرِي، عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله هذه الآية: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) قال: "أتدرون ما أخبارها؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عَمِل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها" (١).

ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وفي معجم الطبراني من حديث ابن لَهِيعة: حدثني الحارث بن يزيد -سمع ربيعة الجُرَشي-: أن رسول الله قال: "تحفظوا من الأرض، فإنها أمكم، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرًا أو شرًا، إلا وهي مُخبرة" (٢).

وقوله: (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) قال البخاري: أوحى لها وأوحى إليها، ووحى لها ووحى إليها: واحد (٣) وكذا قال ابن عباس: (أَوْحَى لَهَا) أي: أوحى إليها.

والظاهر أن هذا مُضَمَّن [بمعنى] (٤) أذن لها.

وقال شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) قال: قال لها ربها: قولي، فقالت.

وقال مجاهد: (أَوْحَى لَهَا) أي: أمرها. وقال القُرَظي: أمرها أن تنشق عنهم.

وقوله: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا) أي: يرجعون عن مواقف الحساب، (أَشْتَاتًا) أي: أنواعًا وأصنافًا، ما بين شقي وسعيد، مأمور به إلى الجنة، ومأمور به إلى النار.

قال ابن جريج: يتصدعون أشتاتًا فلا يجتمعون آخر ما عليهم.

وقال السُّدِّي: (أَشْتَاتًا) فرقا.

وقوله تعالى: (لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ) أي: ليعملوا ويجازوا بما عملوه في الدنيا، من خير وشر. ولهذا قال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)

قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثني مالك عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح السَّمان عن أبي هُرَيرة: أن رسول الله قال: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر؛ فأما الذي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله فأطال طَيلها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنَّت شَرَفا أو


(١) المسند (٢/ ٣٧٤) وسنن الترمذي برقم (٣٣٥٣) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٩٣).
(٢) المعجم الكبير (٥/ ٦٥) وقال الهيثمي في المجمع (١/ ٢٤١): "وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف".
(٣) صحيح البخاري (٨/ ٧٢٦) "فتح".
(٤) زيادة من م، أ.