للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال البخاري: حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله : "يتبع الميت ثلاثةٌ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله".

وكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي، من حديث سفيان بن عيينة، به (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى، عن شعبة، حدثنا قتادة، عن أنس: أن النبي قال: "يهرم ابن آدم وتبقى منه اثنتان: الحرص والأمل". أخرجاه في الصحيحين (٢).

وذكر الحافظ ابن عساكر، في ترجمة الأحنف بن قيس (٣) -واسمه الضحاك-أنه رأى في يد رجل درهما فقال: لمن هذا الدرهم؟ فقال الرجل: لي. فقال: إنما هو لك إذا أنفقته في أجر أو ابتغاء شكر. ثم أنشد الأحنف متمثلا قول الشاعر:

أنتَ للمال إذا أمسكتَه … فإذا أنفقتَه فالمالُ لَكْ

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة قال: صالح بن حيان حدثني عن ابن بريدة في قوله: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) قال: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار، في بني حارثة وبني الحارث، تفاخروا وتكاثروا، فقالت إحداهما: فيكم مثلُ فلان بن فلان، وفلان؟ وقال الآخرون مثل ذلك، تفاخروا (٤) بالأحياء، ثم قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور. فجعلت إحدى الطائفتين تقول: فيكم مثل فلان؟ يشيرون إلى القبر -ومثل فلان؟ وفعل الآخرون مثل ذلك، فأنزل الله: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) لقد كان لكم فيما رأيتم عبرة وشغل.

وقال قتادة: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان (٥) ونحن أعَدُّ من بني فلان، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم.

والصحيح أن المراد بقوله: (زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) أي: صرتم إليها ودفنتم فيها، كما جاء في الصحيح: أن رسول الله دخل على رجل من الأعراب يعوده، فقال: "لا بأس، طهور إن شاء الله". فقال: قلت: طَهُور؟! بل هي حمى تفور، على شيخ كبير، تُزيره القبور! قال: "فَنَعَم إذًا" (٦).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، أخبرنا حكام بن سلم الرازي، عن عمرو بن أبي قيس، عن الحجاج، عن المنْهال، عن زر بن حُبَيْش، عن علي قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ)


(١) صحيح البخاري برقم (٦٥١٤) وصحيح مسلم برقم (٢٩٦٠) وسنن الترمذي برقم (٢٣٧٩) وسنن النسائي الكبرى برقم (٢٠٦٤).
(٢) المسند (٣/ ١١٥) وصحيح البخاري برقم (٦٤٢١) وصحيح مسلم برقم (١٠٤٧).
(٣) تاريخ دمشق (٨/ ٤٤٣ "المخطوط").
(٤) في م: "وتفاخروا".
(٥) في أ: "من بني إسرائيل".
(٦) صحيح البخاري برقم (٥٦٦٢، ٥٦٥٦، ٧٤٧٠).