للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه الترمذي عن أبي كُرَيب، عن حَكَّام بن سلم (١) [به] (٢) وقال: غريب (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سلمة بن داود العُرضي (٤) حدثنا أبو المليح الرقي، عن ميمون بن مهران قال: كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز، فقرأ: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) فلبث هنيهة (٥) فقال: يا ميمون، ما أرى المقابر إلا زيارة، وما للزائر بد من أن يرجع إلى منزله.

قال أبو محمد: يعني أن يرجع إلى منزله -إلى جنة أو نار. وهكذا ذُكر أن بعضَ الأعراب سمع رجلا يتلو هذه الآية: (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) فقال: بُعثَ اليوم (٦) ورَب الكعبة. أي: إن الزائر سيرحل من مقامه ذلك إلى غيره.

وقوله: (كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) قال الحسن البصري: هذا (٧) وعيد بعد وعيد.

وقال الضحاك: (كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يعني: الكفار، (ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يعني: أيها المؤمنون.

وقوله: (كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) أي: لو علمتم حق العلم، لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة، حتى صرتم إلى المقابر.

ثم قال: (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) هذا تفسير الوعيد المتقدم، وهو قوله: (كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) تَوعَّدَهم بهذا الحال، وهي رؤية النار (٨) التي إذا زفرت زفرة خَرَّ كل ملك مقرب، ونبي مرسل على ركبتيه، من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال، على ما جاء به الأثر المروي في ذلك.

وقوله: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم، من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك. ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز (٩) المقري، حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الخزاز، حدثنا يونس بن عبيد، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: خرج رسول الله عند الظهيرة، فوجد أبا بكر في المسجد فقال: "ما أخرجك هذه الساعة؟ " قال: أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله. قال: وجاء عمر بن الخطاب فقال: "ما أخرجك يا ابن الخطاب؟ " قال أخرجني الذي أخرجكما. قال: فقعد عمر، وأقبل رسول الله يحدثهما، ثم قال: "هل بكما من قوة، تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعامًا وشرابًا


(١) في أ: "سليم".
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) سنن الترمذي برقم (٣٣٥٥).
(٤) في أ: "العرمي".
(٥) في أ: "هنية".
(٦) في أ: "القوم".
(٧) في أ: "هو".
(٨) في م: "أهل النار".
(٩) في أ: "الجزاز".