للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يَدْخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه ممن قد علمتم (١) فدعاهم ذات يوم فأدخله معهم، فما رُؤيتُ أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليُريهم فقال: ما تقولون في قول الله، ﷿: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نَحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفُتح علينا. وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. فقال: ما تقول؟ فقلت: هو أجلُ رسول الله أعلمه له، قال: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فذلك علامة أجلك، (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) فقال عمر بن الخطاب: لا أعلم منها إلا ما تقول. تفرد به البخاري (٢)

وروى ابن جرير، عن محمد بن حُمَيد، عن مِهْران، عن الثوري، عن عاصم، عن أبي رَزِين، عن ابن عباس، فذكر مثل هذه القصة، أو نحوها (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن فُضَيل، حدثنا عطاء، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قال رسول الله : "نُعِيَت إليّ نفسي" .. بأنه مقبوض في تلك السنة. تفرد به أحمد (٤).

وروى العوفي، عن ابن عباس، مثله. وهكذا قال مجاهد، وأبو العالية، والضحاك، وغير واحد: إنها أجل رسول الله نُعِي إليه.

وقال ابن جرير: حدثني إسماعيل بن موسى، حدثنا الحسين بن عيسى الحنفي (٥) عن مَعْمَر، عن الزهري، عن أبي حازم، عن ابن عباس قال: بينما رسول الله في المدينة إذ قال: "الله أكبر، الله أكبر! جاء نصر الله والفتح، جاء أهل اليمن". قيل: يا رسول الله، وما أهل اليمن؟ قال: "قوم رقيقة قلوبهم، لينة طباعهم، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية" (٦)

ثم رواه عن ابن عبد الأعلى، عن ابن ثور، عن معمر، عن عكرمة، مرسلا.

وقال الطبراني: حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا أبو كامل الجَحْدَريّ، حدثنا أبو عَوَانة، عن هلال بن خَبَّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) حتى ختم السورة، قال: نُعِيت لرسول الله نفسه حين نزلت، قال: فأخذ بأشد ما كان قط اجتهادًا في أمر الآخرة. وقال رسول الله بعد ذلك: "جاء الفتحُ ونصر الله، وجاء أهل اليَمن". فقال رجل: يا رسول الله، وما أهل اليمن؟ قال: "قوم رقيقة قلوبهم، لينة قلوبهم، الإيمان يمان، والفقه يَمان" (٧).


(١) في م: "ممن قد علمتم".
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٩٧٠).
(٣) تفسير الطبري (٣٠/ ٢١٥).
(٤) المسند (١/ ٢١٧).
(٥) في أ: "الثقفي".
(٦) تفسير الطبري (٣٠/ ٢١٥).
(٧) المعجم الكبير (١١/ ٣٢٨).