للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رَزين، عن ابن عباس قال: لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) علم النبي أنه قد نُعِيت إليه نفسه، فقيل: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) السورة كلها (١).

حدثنا وَكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رَزِين: أن عمر سأل ابن عباس عن هذه الآية: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قال: لما نزلت نُعيت إلى رسول الله نفسه (٢)

وقال الطبراني: حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عُمَر الوكيعي، حدثنا أبي، حدثنا جَعفر بن عون، عن أبي العُمَيس، عن أبي بكر بن أبي الجهم، عن عُبَيد الله بن عَبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: آخر سورة نزلت من القرآن جميعًا: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (٣).

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي البَختُري الطائي (٤)، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله أنه قال: لما نزلت هذه السورة: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قرأها رسول الله حتى ختمها، فقال: "الناس حيز، وأنا وأصحابي حيز". وقال: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية". فقال له مَرْوان: كذبت -وعنده رافع بن خَديج، وزيد بن ثابت، قاعدان معه على السرير -فقال أبو سعيد: لو شاء هذان لحدثاك، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة. فرفع مروان عليه الدرة ليضربه، فلما رأيا ذلك قالا صدق (٥).

تفرد به أحمد، وهذا الذي أنكره مروان على أبي سعيد ليس بمنكر، فقد ثبت من رواية ابن عباس أن رسول الله قال يوم الفتح: "لا هجرة، ولكن جهاد ونية، ولكن إذا استنفرتم فانفروا". أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما (٦).

فالذي فسر به بعض الصحابة من جلساء عمر، أجمعين، مِنْ أنه قد أمرنا إذا فتح الله علينا المدائن والحصون أن نحمد الله ونشكره ونسبحه، يعني نصلي ونستغفره -معنى مليح صحيح، وقد ثبت له شاهد من صلاة النبي يوم فتح مكة وقت الضحى ثماني ركعات، فقال قائلون: هي صلاة الضحى. وأجيبوا بأنه لم يكن يواظب عليها، فكيف صلاها ذلك اليوم وقد كان مسافرًا لم يَنْو الإقامة بمكة؟ ولهذا أقام فيها إلى آخر شهر رمضان قريبًا من تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة ويُفطر هو وجميع الجيش، وكانوا نحوًا من عشرة آلاف. قال هؤلاء: وإنما كانت صلاة الفتح، قالوا: فيستحب لأمير الجيش إذا فتح بلدًا أن يصلي فيه أول ما يدخله ثماني ركعات.


(١) المسند (١/ ٣٤٤).
(٢) المسند (١/ ٣٥٦).
(٣) المعجم الكبير (١٠/ ٣٦٩).
(٤) في أ: "عن أبي البختري عن الطائي".
(٥) المسند (٣/ ٢٢).
(٦) صحيح البخاري برقم (١٨٣٤، ١٣٤٩) وصحيح مسلم برقم (١٣٥٣).