للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بإحسان. وكذا قال سعيد بن جُبَير، وأبو الشعثاء جابر بن زَيد، والحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، والربيع بن أنس، والسدي، ومقاتل بن حيان.

مسألة: قال مالك -في رواية ابن القاسم عنه وهو المشهور، وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي في أحد قوليه: ليس لولي الدم أن يعفو على الدية إلا برضا القاتل، وقال الباقون: له أن يعفو عليها وإن لم يرض القاتل، وذهب طائفة من السلف إلى أنه ليس للنساء عفو، منهم الحسن، وقتادة، والزهري، وابن شبرمة، والليث، والأوزاعي، وخالفهم الباقون.

وقوله: (ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) يقول تعالى: إنما شرع لكم أخذ الدية في العمد تخفيفًا من الله عليكم ورحمة بكم، مما كان محتوما على الأمم قبلكم من القتل أو العفو، كما قال سعيد بن منصور:

حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، أخبرني مجاهد، عن ابن عباس، قال: كتب على بني إسرائيل القصاص في القتلى، ولم يكن فيهم العفو، فقال الله لهذه الأمة (١) (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأنْثَى بِالأنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) فالعفو أن يقبل الدية في العمد، ذلك تخفيف [من ربكم ورحمة] (٢) مما كتب على من كان قبلكم، (فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) (٣).

وقد رواه غير واحد عن عمرو [بن دينار] (٤) وأخرجه ابن حبان في صحيحه، عن عمرو بن دينار، به (٥). [وقد رواه البخاري والنسائي عن ابن عباس] (٦)؛ ورواه جماعة عن مجاهد عن ابن عباس، بنحوه.

وقال قتادة: (ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ) رحم الله هذه الأمة وأطعمهم الدية، ولم تحل لأحد قبلهم، فكان أهل التوراة إنما هو القصاص وعفو ليس بينهم أرش (٧) وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به، وجعل لهذه الأمة القصاص والعفو والأرش.

وهكذا روي عن سعيد بن جبير، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس، نحو هذا.

وقوله: (فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) يقول تعالى: فمن قتل بعد أخذ الدية أو قبولها، فله عذاب من الله أليم موجع شديد.

وكذا رُوي عن ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، والسدي، ومقاتل بن حيان: أنه هو الذي يقتل بعد أخذ الدية، كما قال محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن سفيان بن أبي العوجاء، عن أبي شريح الخزاعي: أن النبي قال:


(١) في أ: "فقال الله في هذه الآية".
(٢) زيادة من جـ.
(٣) سنن سعيد بن منصور برقم (٢٤٦) بتحقيق د. الحميد.
(٤) زيادة من جـ.
(٥) صحيح ابن حبان (٧/ ٦٠١) "الإحسان" وانظر لتمام تخريج هذا الحديث وذكر طرقه: حاشية الدكتور سعد الحميد- حفظه الله - على سنن سعيد بن منصور.
(٦) زيادة من جـ، أ.
(٧) في جـ: "أثر".