للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير" (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا خليفة بن خياط، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فتركها كفارتها" (٢).

ورواه أبو داود من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله : "لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية الله، ولا في قطيعة رحم، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليدعها، وليأت الذي هو خير، فإن تركها كفارتها" (٣).

ثم قال أبو داود: والأحاديث عن النبي كلها: " فليكفر عن يمينه" وهي الصحاح.

وقال ابن جرير: حدثنا علي بن سعيد الكندي، حدثنا علي بن مُسْهِر، عن حارثة بن محمد، عن عمرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله : "من حلف على قطيعة رحم أو معصية، فبره أن يحنث فيها ويرجع عن يمينه" (٤).

وهذا حديث ضعيف؛ لأن حارثة [هذا] (٥) هو ابن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، متروك الحديث، ضعيف عند الجميع.

ثم روى ابن جرير عن ابن جبير (٦) وسعيد بن المسيب، ومسروق، والشعبي: أنهم قالوا: لا يمين في معصية، ولا كفارة عليها (٧).

وقوله: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد، كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رسول الله قال: "من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله" (٨) فهذا قاله لقوم حديثي (٩) عهد بجاهلية، قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللات من غير قصد، فأمروا أن يتلفظوا بكلمة الإخلاص، كما تلفظوا بتلك الكلمة من غير قصد، لتكون هذه بهذه؛ ولهذا قال تعالى: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٠) كما قال في الآية الأخرى في المائدة: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩].

قال أبو داود: باب لغو اليمين: حدثنا حميد بن مسعدة الشامي (١١) حدثنا حسان -يعني ابن


(١) صحيح مسلم برقم (١٦٥٠).
(٢) المسند (٢/ ١٨٥).
(٣) سنن أبي داود برقم (٣٢٧٤).
(٤) تفسير الطبري (٤/ ٤٤٢).
(٥) زيادة من جـ، أ.
(٦) في جـ، أ: "عن ابن عباس".
(٧) في أ: "والكفارة منها".
(٨) صحيح البخاري برقم (٤٨٦٠، ٦٦٥٠) وصحيح مسلم برقم (١٦٤٧).
(٩) في جـ: "لقوم حديثو" وهو خطأ.
(١٠) في أ: "والله غفور رحيم" وهو خطأ.
(١١) في جـ: "أحمد بن سعدة الشامي".